السبت، ٢٤ نوفمبر ٢٠١٢

فن الرسم في الظلام السرمدي...





هل تعرف شيئاً عن فن الرسم في الظلام ؟
بالطبع تعرف ، دعني أؤكد لك أنك مارسته مراراً منذ ولدت و حتي الآن ، إنه أشبه بعملية تصفح لذلك النيجاتيف العملاق لذكرياتك ، لكنك تعيد رسمه بالطريقة التي كنت تتمني أن يكون عليها في الواقع...
حين تغمض عيناك يصبح الرسم أكثر سهولة و انسيابية ، بإمكانك تخيل أي شئ و لتدعه يرتسم وحده ، الفارق الوحيد هنا أنك لن تستخدم ألوان خارجية ، إنه الأبيض فحسب يظهر وحده من العدم ، ينبثق لمزيد من الدقة ، يزحف و يتشكل علي استحياء ، و أحياناً في وقاحة...
ستري في البداية رسوماً تجريدية حمقاء ، أحياناً يخيل لي أن الفنان التجريدي لا يفعل شيئاً إلا ترك أصابعه حرة علي الورق ، ترسم كيفما شائت ، أو أنه يغمض عينيه مثلما نفعل الآن ، ثم يرسم ما ينبثق من صفحته السوداء...
لماذا لا يسمونه الفن العفوي ؟!
حسناً هل تري الآن ما يشبه انفجارات نجمية بيضاء ؟ إنك مازلت في البداية إذن ، كل تلك الأمور أشبه بلوجو الفوتوشوب الذي يظهر قبل فتح البرنامج...

و الآن حاول تتذكر وجوهاً اشتقت لها ، و وجوهاً لا تتمن رؤيتها ثانية ، و وجوها لم تعد تذكر أساسا لمن هي...

تذكر وجهها...

تذكر أوقاتا تعلم يقينا أنها لن تعود ، تذكر أماكن تعلم أنك لن تعيد زيارتها مهما وعدت نفسك بذلك...

تذكر من كنت ، و من أنت ، و من ستكون...

تذكر من كانوا يوماً محور حياتك و فجأة اختفوا كأنما لم يكونوا ، أو كأنما بعثهم الله لك في مرحلة بعينها ، ثم ما أن أنتهوا من مهمتهم حتي عادوا إلي حيث يأتي أمثالهم من الرائعين...

تذكر السماء التي لم تراها منذ زمن ، و كيف كنت تحدق بها من سطح منزلك و تدور حول نفسك شاعراً بالاتساع و اللاحدودية...

تذكر الطائرات الورقية في عطلة الصيف ، و كيف لطالما تمنيت في صغرك لو أن بإمكانك صنع واحدة ، و كيف كان مشهد الطائرات الورقية في السماء يشعرك بالسلام الداخلي ، لكن عظمة المشهد لم تسمح لك أبداً باستيعاب فكرة أن تكون أحد المساهمين في تلك اللوحة الرائعة...
أنا لم أستطع أبدا و حتي الآن تحليق طائرة ورقية ، لكني متأكد من أنني لو كنت فعلتها في صغري لتغيرت تفاصيل كثيرة في حياتي بعدها ، تفاصيل أعمق من مجرد كونها تتعلق برغبة طفولية...

تذكر كل هذا ، و نام...

لا تحاول أن تفتح عينيك بعدما استدعيت كل هذه الزيوت الطيارة من لاشعورك كي ترسم بها لوحتك...

لا تلوثها بالواقع ، لا تدنسها سريعاً...

3 التعليقات:

candy يقول...

جربت موضوع الرسم فى الظلام دا فى ورشة "سايكودراما" لو سمعت عنها ... حاجة مبهرة فعلاً ! ماكنتش متخيلة أنها كدة.

Israà A. Youssuf يقول...

"لا تلوثها بالواقع.. لا تدنسها سريعا.."

تقدر تقول إني عشت معاك لحظة بلحظة في التدوينة دي, بالذات في أول جزء..

الواقع بقى مقيت :(

Reem Al-migbel يقول...

عشت هذه المدونة بل ونفذتها قبل نومي , وحلمت بأجمل الأحلام ^_^
سأداوم حتما على تنفيذها
شكرا لك...

Share |