الأحد، ٢٥ ديسمبر ٢٠١١

شوية فضفضة... D:


بيجبلك دايما في الأفلام ان الوغد مهما كان واطي و شرير بس لازم تلاقيله موضوع حب معين في حياته ، كائن حي يتفاعل معاه عاطفيا عشان لو شحنة العاطفة اللي جواه متفرغتش أول بأول ممكن تأثر علي صورته قدام رجالته أو قدام ضحاياه...
و انطلاقا من افتراض اني وغد قديم أوي خصوصا مع اخواتي ، لفتوا نظري مؤخرا لحاجة مكنتش واخد بالي منها ، و هي ان موضوع الحب بتاعي أو نقطة ضعفي الوحيدة هيا اليمام !!
و ده بيرجع لإن عندنا المنور فيه شبكات حديد مسلح عند كل دور ، و الشبكات دي كانت مأوي لأعشاش اليمام علي مر السنين في بيتنا ، فكان لازم كل سنة بعد ما البيض يفقس الاقي يمامة صغيرة واقعة في المنور ، ساعتها معرفش ليه فعلا كان اهتمامي كله بيتركز عليها ، اجيبلها كل حاجة عندنا ف البيت رز عدس حلبة أي حاجة و افضل أأكل فيها و اشربها مية لحد يجي 3 اسابيع تكون هيا بدأت تحاول تطير و تبقا غلسة متتهدش ف مكان ، ساعتها اطلعها تاني لحد الشبكة في المنور و هيا و نصيبها بقا ، طبعا مع اي حيوان تاني كان زماني رميته ف الشارع بدون تفكير...
لما اخواتي لفتوا نظري للموضوع ده انا طبعا مسكتش ، و بدأت ادور جوا في تاريخي النفسي عن الجذور التاريخية لهذه الخصلة البذيئة... D:
اكتشفت ان الأسباب المحتملة بتنحصر في الآتي :
-من صغري متربي وسط الفراخ و البط ، كنت بحب اقعد اتفرج عليهم و اركز ف كل حركاتهم لحد ما تقريبا حفظتها...
-سبب تاني بردو هوا إني من صغري عندي ميل شديد لقراءة قصص بطوط و عم دهب ، كنت اجيب قصة ميكي من عند الراجل و افضل افر في الصفحات لو ملاقيتش قصة واحدة ع الأقل لبطوط اشوف قصة ميكي غيرها لما يبقا صاحب المحل اتخنق مني...
-سبب آخر بردو هوا إني من صغري عندي حلم معين بيتكرر علي فترات متفرقة بأكتر من شكل بس فكرته واحدة و هيا إني طول الحلم بحاول امسك طير معين جوا بيتنا و يا إما ينتهي الحلم بإني أمسكه أو ممسكوش ساعات و ساعات يعني...
-سبب تاني بردو مالوش علاقة مباشرة بالموضوع بس له دلالة إسقاطية ، و هيا إني من صغري كنت أول ما اشوف طيارة في السما او بس اسمع صوتها افتكر علي طول ان ابويا جه من السفر ، كنت دايما نفسي اسافر معاه ولو مرة ، لدرجة ان اي طيارة وقتها كانت بالنسبالي "بابا" طاير في السما...
دلوقتي انا بقول الكلام ده ليه ؟
بقوله عشان لو ف يوم سيبت دراسة علم النفس و اشتغلت فرارجي محدش يسألني ليه... D:
اقعدوا بالعافية...

الأربعاء، ٢١ ديسمبر ٢٠١١

الساعة العاشرة...


كانت فكرة جنونية...
لكني لم أشعر بأنني مخبولة أو أجازف بسمعتي ككاتبة روايات ، و كل مؤلفي قصص الرعب أحيانا يحتاجون إلي وضع أنفسهم في جو خاص يداعب خيالهم و يثيره...
حين انهينا حديثنا في بهو القصر الواسع اتخذت طريقي نحو الدرج حيث غرفتي التي سأقيم بها في الأعلي ، فقط قبل أن تدق تلك الساعة الضخمة المعلقة في احد اركان البهو ، الغريب أنني لم الاحظها تماما منذ جئت...
-غريب أنني لم الحظ تلك الساعة رغم وجودي هنا منذ أكثر من ساعتين.
-هذا لأنها لا تدق في كل الأوقات يا سيدتي ، لقد اختارت تلك الساعة العاشرة مساء فقط لتدق فيها.
-هل حدث شئ هام في ذلك الوقت كي...
قاطعني قائلا...
-لا يا سيدتي ، أعلم كم أن هذا محبط بالنسبة لحاستك الدرامية لكن الحقيقة أنها ليست سوي ساعة أخري تالفة.
اقتربت اكثر من الساعة حتي صرت اسفلها مباشرة و قلت...
-بالعكس ، لقد ازداد إعجابي أكثر بتلك الساعة ، أنت لا تعلم كم من الأشياء في هذا العالم تتخذ من الأحداث البارزة سببا لتصرفاتها الغريبة ، هذه أشياء لا تبتغي إلا الشهرة و لفت الأنظار لها ، أما هذه الساعة فقد اختارت ألا ترتبط بأي أحداث معينة ، لقد اكتسبت شهرتها فقط من كونها هي ، هذه لو أردت رأيي أكثر الساعات تميزا في العالم.
-انت تقيمين وزنا لتلك الساعة أكثر مما تستحق.
التفت نحوه قائلة...
-رجل مثلك لا أظنه يحتفظ بساعة تالفة إلا لسبب وجيه.
-الذكريات يا سيدتي ، إرث العائلة مهما أنهكه الزمن يظل دائما أغلي الذكريات.
-اممم ، انا أتفهم مشاعرك جيدا تجاه كل حجر في هذا المكان.
ابتسم ابتسامة خفيفة مشيرا لي بالعودة لما كنا نفعله...
******************************************
حين انتصف الليل كنت جالسة في غرفتي أحاول البحث عن فكرة جديدة ، بالطبع لم يكن هذا سهلا علي الإطلاق خاصة بعدما خاب أملي في هذا القصر اللعين...
ستلايت و انترنت و خط هاتفي ، هذا أبعد ما يكون عن القصور القديمة ، لقد حوله ذلك الشاب لقصر عصري رغم محافظته علي الكثير من مظاهر القدم فيه...
هكذا حين استسلمت لليأس قررت النوم علي أمل أن يكون ضوء النهار أكثر إلهاما...
استلقيت علي هذا السرير الفاخر الذي يبتلعك ابتلاعا مصطحبة في يدي مشغل الموسيقي الخاص بي ، تدثرت بالغطاء و اخترت مقطوعة من موسيقي القرب الإسكتلندية لتلائم تلك الرسوم القوطية المهيبة في سقف الغرفة...
كيف كان ينام هؤلاء القوم داخل كتاب التاريخ هذا ؟

******************************************
أنا الآن في حلم ، حلم بالغ الوضوح...
صحيح أن الموسيقي مازالت في الخلفية ، صحيح أنني مازلت لا أري شيئا سوي الظلام ، لكنه برغم كل شئ بالغ الوضوح في ظلمته...
الآن ينقشع الظلام فأفهم أنني كنت مغمضة العينين ثم فتحتهما ، نعم ، ما المشكلة في أن تنعم بقيلولة داخل أحلامك ؟
صوت الموسيقي يتحور بطريقة غبية ليصبح أشبه بسرينة إنذار ، الآن أدرك أنني داخل إحدي العربات في مترو حلوان ، في طريقي المعتاد من الجامعة إلي المنزل ، أستند برأسي علي إطار النافذة و الشمس تداعب وجهي بحرارتها...
نظرت للمقعد أمامي فوجدته جالسا ينظر لي في هدوء كالعادة قائلا...
-كنتي تحلمين.
أبتسم قائلة في نعاس...
-هل خطر ببالك يوما أن صوت إنذار المترو يشبه موسيقي القرب الإستكتلندية ؟
رفع حاجبيه في دهشة و قال ساخرا...
-لا أظن ناظر المحطة ذاته يعرف شيئا عن تلك الموسيقي.
-لقد صنع عقلي من ذلك الإنذار أثناء النوم أروع معزوفة قرب سمعتها في حياتي ، لا أعلم كيف حدث هذا لكنه حدث.
ابتسم قائلا...
-هذا لأن بداخلك أشياء رائعة تحاول الخروج ولا تسمحين لها.
الآن يدخل المترو نفقا و الظلام يعم المكان ، لا أذكر حقا أن هذا النفق كان يتسبب في إظلام المكان لسبب بسيط هو أنه هناك كشافات في سقف العربة لكنها الآن لسبب ما معطلة ، بل هي غير موجودة من الأساس...

******************************************
في الصباح التالي بحثت عن الشاب في جميع أرجاء القصر ، و كدت أضل الطريق لولا أن استطعت بطريقة ما إيجاده في المطبخ ، و ما أن رآني حتي ابتسم رغم انهماكه في إعداد شئ ما...
-صباح الخير ، أتعشم أن يكون نومك كان هادئا.
-ليس لديك أدني فكرة.
-رائع ، سيكون الفطور جاهزا بعد دقائق.
هززت رأسي في صمت متأملة إياه لثوان و قلت...
-قلت لي أن تلك الساعة إرث عائلي أليس كذلك ؟
-نعم سيدتي.
قالها دون حتي أن ينظر لي...
-إذن لماذا تعمل مع الغرباء أيضا ؟
ابتسم بنفس الإنهماك و قال...
-لا أفهم قصدك يا سيدتي هل يفترض بالساعات أن تكون بهذا الوفاء الأسري حقا ؟
-علي الأقل هذه الساعة.
-لا أعلم حقا بشأن الساعات في مصر لكننا....
-ما الموسيقي التي تسمعها قبل أن تنام ؟
هنا نظر لي قائلا بابتسامة خفيفة مترددة...
-عطور و ليست موسيقي.
رفعت حاجباي مندهشة و قلت...
-رائع ، ساعة تعكس المسار الزمني للأحلام ، هذا يعني أنني لو شربت حليبا قبل النوم فمن المحتمل أن أري أمي ترضعني في الحلم.
-مثير للإهتمام أليس كذلك ؟ لكنك محظوظة أن أرتباطاتك كانت صوتية يمكن تكرارها ، اما عائلتي فقد كانت مولعة بالعطور ، و العطور تنفذ مني يوما بعد يوم.
-ما المشكلة ؟ إبحث عن ارتباطات أخري غير العطور.
-ليت الأمر بهذه البساطة ، المشكلة أن عائلتي كانت منظمة للغاية في مواعيد النوم ، و كل الارتباطات كانت تؤدي بي إلي أحلام ليلية استيقظ منها و الجميع نيام ، و أنا لم أجرؤ يوما في طفولتي علي اقتحام غرفة ابي و امي ، تصوري أن تصبح الأحلام كلها شئ واحد ، أنام لأحلم أنني لابد أن أنام.
-ما السر في العطور إذن ؟
ابتسم و قد بدا أن الحديث راق له ، لابد أنها المرة الأولي التي يشاركه فيها أحد الغرباء سرا كهذا...
-ذات مرة في صباي فقدت الوعي داخل حديقة القصر ، كانت تلك تقريبا هي المرة الوحيدة التي راودني فيها حلم أستيقظ منه نهارا و الكل حولي يرش العطور محاولا إيقاظي.
-إذن هذا هو المنفذ الوحيد لعائلتك الآن ، العطور.
-بل لقد صرت أشعر أن عائلتي هي تلك العطور ذاتها ، كأن أرواحهم محبوسة داخل زجاجات فاخرة في غرفتي ، منذ عام و نصف تقريبا نفذت زجاجة أمي و لكني مازلت محتفظا بالزجاجة.
-هذا متوقع ، لابد أنها أكثر عطر رششت منه يوما ، لكني برغم هذا لم أجد حتي الآن سببا مقنعا لتدق الساعة فقط عند العاشرة.
ابتسم قائلا...
-ولا أنا ، من يدري..ربما أرادت الساعة فقط ألا ترتبط بأي حدث معين ، ربما أرادت أن تستقل بذاتها عن التوقيت الزمني بأكمله.
هززت رأسي محاولة البحث عما أضيفه فلم أجد ، تلك إذن هي اللحظة التي يجب علينا الإتفاق فيها...
-تأكد أن سرك هذا سيظل طي الكتمان.
-أتعشم هذا سيدتي.
هكذا ما أن ادرت ظهري له حتي قال...
-سيكون الفطور جاهزا علي الفور.
التفتت له قائلة...
-لا شكرا لا تنتظرني ، يمكنك الإفطار وحدك كالمعتاد ، سأصعد لغرفتي قليلا.
-ستكتبين ؟
ابتسمت قائلة...
-بل سأنام.

الثلاثاء، ٢٠ ديسمبر ٢٠١١

لا تكن فراشة سيئة...



الأمر لا يتعلق بالشك في معتقداتك و أفكارك الخاصة أو التيقن من صحتها ، لأنه ما عادت هناك حقيقة موضوعية في عالم كهذا لتتيقن منها أو حتي تحاول الشك فيها ، ولو خطر ببالك محاولة إقناع أحدهم بحقيقة مالم تكن أحد هؤلاء الأوغاد المجادلين فلا تلومن إلا نفسك ، ستحتاج إلي مسكن للصداع ، الكثير منه ...
 
اللعبة الآن تسير بشئ من التعقيد ، لأنك إن أردت إرضاء ذاتك و الآخرين بشأن وجهات النظر فلا تحاول تبني رأي واحد عن اقتناع راسخ...
 
ببساطة كن علي يقين من صحة نظرتك الخاصة للأمور-و هذا لن يتطلب منك جهدا حسبما أظن-و لكن "أمنح نفسك دائما سببا للشك في يقينك ذاته" ، راقب ذاتك و أسأل نفسك لماذا أنت مثلا مقتنع بمرشح الرئاسة هذا ، اسأل نفسك لماذا ذلك الوغد الذي يحدثك الآن مقتنع بمرشح آخر هو في رأيك لا يستحق علي الإطلاق ، تأكد أن لكل شخص أسبابه ، هو لم يرتكب جرما شنيعا لأنه اختار مرشح لا يستحق ، هو فقط لديه أسبابه الكامنة في تاريخه النفسي منذ الولادة و حتي اللحظة التي يحدثك فيها الآن...
 
أدرك جيدا كم قد يبدو لك الأمر سخيفا مضحكا حين اربط اتجاهاتك السياسية بتاريخك السيكولوجي لكنها الحقيقة ، أنت لا تتخيل مدي الإرتباط الوثيق بين علم النفس بفروعه و بين أدق حدث يجري في هذا العالم ، فالكثير من قراراتنا نتخذها بناء علي الطريقة التي نشأنا بها ، و العالم لا يتغير إلا بمجموع تلك القرارات مهما كانت تفاهتها...
 
الأمر أقرب لنظرية تأثير الفراشة ، فالأحداث الكبري في رأيي هي تراكم 

لكل حركة في هذا الكون مهما كانت تفاهتها ...

لذا ، لا تكن فراشة سيئة

الخميس، ١ ديسمبر ٢٠١١

من وحي الصور 1


في مرحلة بعينها تكتسب هداياهم القديمة طاقة نفسية لا تدري طبيعتها تحديدا...
كأنها مقدسات ، يصعب عليك التخلص منها بالضبط كاستحالة التخلص من ذكرياتهم العالقة برأسك...







 



ذات يوم أخبرته أن حبهما كغزل البنات ، ما أن يلامس الألسنة حتي يذوب مختفيا...
لم يفهم اهذا جيد أم سئ ، و لم يحاول أن يفهم ، ربما لأنه يفهم ، لكنه لا يريد أن يفهم أنه يفهم...







 


أحيانا يراودني تساؤل بشأن الأزهار ، بشأن القمر ، بشأن الشموع ، بشأن كل تلك الرموز التي ارتبطت في ذهن البشر بالرومانسية...
حينها أفكر عن الأحمق الذي بدأ سلسلة الإرتباطات الشرطية السخيفة تلك ، كان بإمكانه أن يجعل للحب ارتباطات أفضل من ذلك آلاف المرات...






 



بعد فراقهما منذ سنوات لم تستطع مقاومة الذهاب لمعرضه الأخير ، رأت لوحات كثيرة لم تعجبها منها سوي اللوحات الكئيبة المظلمة...
لا تدري لماذا لكن ربما أرادت أن تبرهن لنفسها علي كون تلك اللوحات تعبر عن فترة من حياته بدونها...

الأربعاء، ١٦ نوفمبر ٢٠١١

عن الصناديق المغلقة...

أنا أؤمن أن كل إنسان هو صندوق مغلق‏ ‏، و ما يظهر منه أمام الناس لا يزيد عن كونه كتابات زخرفية منقوشة علي الصندوق لتزيد فضولك اشتعالا بشأن محتواه...
لذا دعني أخبرك أنني أعاني من خبرة سيئة في التعامل مع الصناديق المغلقة ، فقدت فضولي الفطري لمعرفة محتواها ، بل و صرت أخشي حتي الإقتراب منها...
خاصة عندما اكتشفت أن أكثر الصناديق بشاعة في محتواها هو أنا...

الاثنين، ١٤ نوفمبر ٢٠١١

نهايات مأساوية لابد منها...


كانت العرائس في البداية تفي بالغرض ، مجرد دمية بسيطة كانت كافية لتطير ابنة اخته فرحا...
لكنه الآن في حيرة من أمره ، فاليوم عيد ميلادها ، و عروسة أخري في مناسبة كهذه كانت لتبدو هدية تقليدية للغاية...
راودته فكرة الحيوانات الأليفة لكنه كان متيقنا من رفض امها لهذا النوع من الهدايا ، لكنه جازف بشراء قطة منزلية علي كل حال ليضع أخته أمام الأمر الواقع ، ببساطة لأنه لا توجد هدية أخري تصلح لفتاة صغيرة في مناسبة كهذه ، ربما كانت الشوكولا تصلح لكنها تذكره بزوجته السابقة التي دفعها الاكتئاب لتناولها بشراهة ليزداد وزنها بعد ذلك بصورة مخيفة...
لا ، هو لن يفعل ذلك بهذا الملاك البرئ...
لم يتصور أن تفرح الصغيرة بالقطة إلي هذه الدرجة التي تدفعها لتجاهل ألعابها القديمة تماما و حتي الهدايا الجديدة التي لم تمس أغلفتها من الأساس ، ربما لأنها تعلم ما بداخلها مسبقا ، الكثير من العرائس المملة المبتسمة في سماجة و استفزاز ، هذه لعبة جديدة تنبض بالحياة ، شئ جديد يستحق العناية و التمشيط ، فلتسقط الشعور الصناعية الشقراء...
بالطبع تمر الأيام و تزداد الصغيرة ارتباطا بلعبتها الجديدة ، و مالم يخطر ببال صاحبنا أنه حتي القطط تتوقف ذات يوم عن التصرف كالقطط ، و تصبح عرائس أخري ساكنة مملة...
ربما أدرك ذلك حين طرقت باب منزله في ليلة ممطرة ، ليجدها أسفل شرفته بمنامة التصقت علي جسدها من شدة البلل حاملة في يدها جثة القطة ، و علي وجهها أسوأ تعبير قد تراه علي وجه طفل ، هذا أكثر المشاهد مأساوية في حياته ، و الأسوأ أنه كان سببا في حدوثه...
بالطبع لم يفكر حينها سوي في إعادتها للمنزل بأسرع ما يمكن قبل أن تشعر أمها و تخرب بيته...
و في مرآة السيارة حانت منه التفاته نحو ذلك الجمال البائس ذو الشعر الناعم المبتل ، لم تكن تبكي لكنها كانت تصدر أنينا خافتا في داخلها و هذا أسوأ ، الأطفال لهم الحق في الصراخ وقتما شائوا فلماذا لا تستغل حقوقها تلك الحمقاء ؟!
-لماذا أنت حزينة هكذا ؟ لا تقلقي ، سأعيد إحيائها من أجلك.
نظرت نحوه قائلة بصوت مبحوح...
-كيف ؟
-كالعرائس بالضبط ، و ماذا كنت تظنين القطط غير انها عرائس أخري متحركة ؟
هكذا مدت يدها نحوه بالجثة فقال محاولا عدم إظهار اشمئزازه...
-ضعيها أسفل مقعدك و سأتولي أمرها غدا.
هكذا سكنت في غير اقتناع ، لم تكن كلماته مرضية لها بالطبع لكنها علي الأقل كانت كافية لجعلها تستسلم للنوم أخيرا...
بالطبع لم ينس في طريق عودته إلقاء القطة في اقرب صفيحة قمامة ، ليشتري لها صباح اليوم التالي قطة تشبه السابقة تماما ، و كان هذا كافيا...
هكذا قام لأجلها بإحياء أكثر من أربعة قطط علي مدار سنة كاملة ، و مالم يخطر ببال صاحبنا أنه حتي الفتيات الصغيرات تتوقف ذات يوم عن التصرف كفتيات صغيرات ، تتوقف عن تصديق أكاذيب الكبار ، لابد لها من ذلك...
ربما أدرك ذلك حين دق جرس هاتفه ذات ليلة ليجدها علي الهاتف ، تطلب منه في براءة أن يأتي بسرعة لأن أمها صارت عروسة أخري ، و لكن كبيرة بعض الشئ...
الآن فقط أدرك لماذا يصر الناس علي الدمي كهدايا للأطفال ، لأن الدمي مهما مر عليها الزمن لا تتوقف عن التصرف كالدمي...
-هل بإمكانك إصلاحها مثل القطط يا خالو ؟

الثلاثاء، ٨ نوفمبر ٢٠١١

عروسة البحر...


عم رؤوف دايما مسهم ، تشوفه تقول ده سرحان أو مشلول ، أو ميت...
بس انا كنت متأكد ان جواه ألف حياة بتتخلق ، و ألف قصة حب محتملة كان ممكن يعيشها...
عم رؤوف عنده سبعين سنة ، لكن عمره ما اتكلم عن جمال عبد الناصر أو جاب سيرة السادات ، عمره ما اتكلم في السياسة أو عن أحوال البلد ، أو عن كيلو اللحمة اللي كان بكام قرش ساغ...
عم رؤوف لو اتكلم ، بيتكلم عنها بس ، عن لون عينيها و عن رموشها ، عن صوتها و عن كلامها ، عن جمالها و عن قوامها ، عنها بس و عن كيانها...
عم رؤوف لو اتكلم ، يتكلم عن عروسة البحر ، عروسة البحر اللي وقع في حبها زمان ، و ف لحظة ضاعت من ايديه ، و فضل بقية حياته ندمان علي انه سابها تضيع منه ، و لحد دلوقت عايش علي ذكراها...
طبعا عمر ما حد صدقه ، و عشان كده هوا معانا في المستشفي ، حتي العيانين اللي حكالهم قصته مع عروسة البحر قالوا عليه مجنون ، و في شاب معانا قاله : من قلة عرايس البر يا خي ، بس ده معذور ، أصله دخل المستشفي عشان حب ف حياته 5 مرات ، و كل مرة يطلعله عريس جاهز يخطفها منه...
عم رؤوف مكانش يهمه حد يصدقه ، كان بس نفسه يشوف عروسة البحر ولو مرة كمان ، يملي عينه بنظرة منها يكمل عليها الكام سنة اللي باقية من عمره...
معرفش ليه كنت مصدقه ، جايز كنت بشفق عليه ، جايز كنت حاسس اني مش هخسر حاجة لو صدقته ، أو جايز كنت مستغرب ان ممكن حد يعيش ندمان بقية عمره علي وهم عاشه ف يوم...
أو جايز كنت مصدقه لإني فعلا عايز اصدقه ، مش عارف...
بس اللي انا متأكد منه ، إن عروسة البحر مش خيال ، حتي لو كانت خيال...

الثلاثاء، ١١ أكتوبر ٢٠١١

زوار الليل...



الوقت متأخر ، لا توجد أمطار هذا المساء لكن الجو مشبع بالضباب ، و احجار الإسكافي التي ترصف الشارع مبللة دائما و أبدا بمياه تعكس اضواء الطريق...
كان يقف مستندا علي إحدي السيارات المتوقفة بطول الرصيف ، متأملا لافتة المطعم المضيئة...
venus coquille restaurant
كفيه متعرقتان ، و جسده لا يتحمل الملابس التي يرتديها ، برغم جو باريس البارد ، كان يظن أنه سيتخلص من تلك المشكلة حين يأتي لباريس ، لكنه نسي أن المشكلة بداخله هو و ليست في الطقس...
توتره الدائم يرفع من حرارة جسده ، و هذا في الأوقات العادية ، فماذا لو حاول أن يبدو واثقا من نفسه ؟ سيفضحه توتره حتما ، لابد أن ينسي الأمر و يغادر...
هكذا ما أن قرر الرحيل وجدها تخرج من المطعم و تغلق البوابة خلفها ، و ما أن استدارت لتجده أمامها ابتسمت قائلة...
-
كان هذا سريعا.
-
ظننت أنه كان بيننا اتفاق.
صمتت لثوان و قالت...
-
نعم نعم هذا صحيح ، تعال معي.
أعادت فتح البوابة ثم أغلقتها مرة أخري بعد دخولهم...
كانت المقاعد كلها مقلوبة فوق الموائد في مشهد بدا له محبطا و غريبا ، هذا المكان الذي يمتلئ صباحا بالحركة و المرح ، يبدو الآن موحشا...
برغم ذلك فإن هناك نشوة غريبة في تواجده بهذا الوقت بالمطعم ، نشوة ناتجة عن حاصل طرح المكان و هو فارغ من المكان و هو ممتلئ ، ربما لأنه بشكل ما يشعر أن كل هذا ملكه وحده ، ليس ملكه فعليا و لكن بشكل نفسي معنوي...
لم يكن المطبخ داخليا منفصلا عن الزبائن كعادة مطاعم باريس الفاخرة ، بل كان مطبخا مطلا علي الزبائن مباشرة ، و هذا ما يجعل بالمكان نوع من الثقة و الحميمية...
وضعت حقيبتها فوق إحدي الموائد ثم ربطت حول خصرها تلك القطعة البيضاء التي يتسائل حتي الآن عن جدوي ارتدائها ، فهي ليست واقية إلي حد كبير من اتساخ الملابس...
كان يبدو عليها التوتر أكثر منه ، كانت تبحث وسط الأواني و الأوعية بارتباك مصدرة ضوضاء مزعجة ، لكنها فطنت لهذا سريعا و توقفت عما تفعله قائلة دون أن تنظر إليه...
-
إسمع ، أنا لا أخلف وعودي قط ، لقد كان بيننا اتفاق و قد احترمته ، لكني قابلت الكثيرين ممن يعقدون معي اتفاقا كهذا بالصباح ، و حين يأتي الليل يبدو كل هذا أقرب ما يكون للهراء ذاته.
-
أنت محظوظة ، فالليل يبدو لي واعدا أكثر من أي وقت آخر ، بينما النهار هو هادم الأماني و الوعود بالنسبة لي.
التفتت نحوه قائلة...
-
لابد أنك رجل مشغول إذن.
-
ليس بالضبط ، لكن النهار له إيقاع سريع صاخب يصيبني بالتوتر و عدم التركيز في أي شئ ، و هذا يجعل من الليلة السابقة شئ سخيف جدير بالقصص الخيالية.
هدأت قليلا و فتحت أحد الأدراج أمامها و ناولته ورقة تشبه قائمة الطعام المعتادة ، لكنها ليست قائمة الطعام المعتادة...
كان تصميمها رائع حقا مكتوب في أعلاها بخط غريب يصعب قرائته و لكن يجذب انتباهك و يثير إعجابك...
Menu du nocturnes visiteurs
-
الأمور التي تنفذ لصميم روحك غالبا لا يدوم تأثيرها طويلا ، لابد و أن تسكب الحياة فوق رأسك دلوا من الواقعية المفرطة لتستيقظ من أحلامك الشفافة النقية.
لم أرد عليها و اكتفيت بتأمل القائمة بحثا عن مفاجأة ما ، لكن الأصناف كانت تقليدية ليس بها شئ ألمعي أو سري ، و كل الإختلاف كان في وجود خانات زائدة أمام كل صنف ، خانات كتب بداخلها أسماء مقطوعات موسيقية ، كأن كل مقطوعة صنعت خصيصا لأجل طبق ما...
استندت بذقنها علي مرفقيها ناظرة نحوي في شغف و استمتاع ، قلت دون أن أنظر لها...
-
أراهن أنك تستمتعين بتلك اللحظات.
-
هذا لأن اختيارك سيخبرني الكثير عنك.
هكذا بعد عدة ثوان أعدت لها القائمة قائلا...
-
أبهريني بذوقك.
ابتسمت قائلة...
-
هل تعلم أنهم يقولون انني أضع تعاويذ سحرية في الطعام ؟
-
أنا أصدقهم ، أعني ما الذي يمكنني انتظاره من امرأة تستقبل زوار الليل بهذه الطقوس ؟ يمكنني توقع أي شئ ، يمكنني توقع ما هو أسوأ.
قالت بينما تصب بعضا من زيت الزيتون في المقلاة...
-
مثل ماذا ؟ هل أبدو لك ممن تأكلن الرجال بعد طهيهم ؟
-
لا أعلم ، كلما ازدادت الواحدة منكن جمالا كلما ازداد خطرها.
لم ترد ، فقط ابتسمت في صمت مواصلة الطهي...
-
ماذا ؟
-
لا شئ.
-
لا حقا ، لماذا تبتسمين ؟
-
لأنني الآن تيقنت من أنك لا تعلم عن النساء شيئا ، و من يتعامل مع النساء كظواهر كونية ثابتة فهو ليس سوي أحمق آخر.
مططت شفتي في إحراج و قلت محاولا تغيير الموضوع...
-
كم عدد من أحترموا اتفاق الزيارات الليلية ؟
-
ليسوا كثيرين ، إنهم قلة استطاعت تقدير الجمال الحقيقي ، منهم من جاء لأجل الموسيقي ، منهم من جاء لأجل صنف أعجبه ، منهم من جاء لأجلي أنا ، لكل تفضيلاته كما تعلم.
-
و أنا ؟
-
نظرا لطبيعة أسألتك تبدو لي كمن جاء لإشباع فضوله فحسب.
ضحك بصوت عال أفزعها قليلا ، لوهلة نسي أنه في بلد كهذه عليك ارتداء القناع الأوروبي الراقي في أغلب الأوقات...
-
لا لا ليس الأمر كذلك ، لقد جئت لأجل الجمال أيضا ، و لكن بشكل كلي ، إن المكان بأكمله يشع بجو نفسي مريح و رائع ، و مبهر في ذات الوقت ، كأنه ما كنت أبحث عنه طوال حياتي لأجده ، و الآن يمكنني الموت و بالي مرتاح.
بعد دقائق كانت تضع لمستها الفنية الأخيرة ، تلك اللمسة التي تجعلك لا تستسيغ التهام هذا الطبق و إفساد تلك التحفة الفنية قبل التقاط صورة بجوارها...
وضعت إسطوانة الموسيقي ، خلعت القطعة البيضاء التي لم ولا تتسخ أبدا ، أخذت حقيبتها و همت بالرحيل قائلة...
-
إستمتع بطعامك ، لا تنس إطفاء الأنوار و غلق البوابة خلفك.
-
ألا تخشين أن أسرق شيئا ؟
ابتسمت قائلة...
-
غالبا لا يفعل زوار الليل ذلك.
-
و ماذا لو فعلوا ؟
فتحت البوابة قائلة...
-
فقط عدني ألا تسرق اسطوانات الموسيقي.
Share |