الثلاثاء، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٣

لو كنت تفهم ما أعنيه...

اللجوء لحكمة ذوي العثرات الكبرى ليس بالفكرة الجيدة على الدوام ، لو أردت رأيي فهو ليس بالفكرة الجيدة على الإطلاق ، و حقيقة أن الآلام تزيدك قوة بمرور الوقت لا ينفي أنها بالمثل تزيد نظرتك للعالم انحرافاً عن موضوعيتها ، و آخر ما قد تحتاج إليه هو رأي غير موضوعي خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع العالم..
و بفرض أننا متفقين على أنه من الأفضل لك خوض تجاربك الخاصة ، دعنا نتفق أيضاً أنه من الأفضل لك أن تكون انتقائياً فيما يخص اختيارك لأصحاب حكمة العثرات الكبرى ، لأن درجة الإيمان في قلب كل منهم هي ما تفصل بينهم ، هي ما تجعلهم يتفاوتون بين أصحاب حكمة حقيقية ذوي نظرة موضوعية نحو العالم و أصحاب حكمة زائفة هي في أصلها عدوانية محوكمة إن جاز التعبير ، لابد أنك تعرفهم ، او تعثرت بأحدهم في أحد المواصلات ، سيوهمك أسلوبهم بأنه لا أحد قد رأى قبح العالم عن هذا القرب مثلهم ، سيشعرونك بانتشاء ممتزج بالغثيان ، ذات النشوة التي تدفعك دفعاً لمراقبة شجار عنيف بشارعك ، هناك جزء غير هين بداخلك يتمنى لو يتطور الشجار أكثر ، لو تتناثر الدماء..
سيخبرونك بصوت خفيض أنه لا توجد عدالة بهذا العالم ، و أن عليك إيجاد طرقك الخاصة في التعامل مع ذلك الوضع و التأقلم عليه ، بينما حقيقة الأمر أن نقص إيمانهم أفقدهم الإتصال أصلاً مع مبادئ كالعدالة و الإخلاص و الحب و التعاون و الإيثار ، أفقدهم إمكانية إدراك أن تلك المبادئ ما هي إلا أنماط وجودية أعقد من أن يستدل على وجودها من عدمها من خلال تجاربهم المتعثرة ، نحن لا نحيا بداخل تجربة فيزيائية لو كنت تفهم ما أعنيه..
Share |