الاثنين، ١٢ سبتمبر ٢٠١١

آخر أيام الشتاء...




ينظر من خلف الزجاج إلي الشارع الممطر ، و البحر الممتد علي مرمي البصر ، و صوت فيروز ينبعث من السماعات بغرفته لكنه غير مصغ علي الإطلاق...

لا إنت حبيبي و لا ربينا سوا...

قصتنا الغريبي شلعها الهوا...

و صرت عنك غرييييبي...

و الحقيقة أنه لم يكن يتأمل الشارع ولا البحر ، بل كان يتأمل الأمطار ذاتها ، يتأملها بتمعن كما لم يتأملها من قبل ، و كأنه يشعر بكل قطرة تهبط من السماء...

لم يكن منتبهاً لأي شئ آخر غير الامطار ، حتي أنه لم ينتبه لتلك التي خرجت من أسفل بنايته لتوها ، لم ينتبه لها علي الإطلاق رغم أنها منذ دقائق مضت كانت حياته كلها تتعلق بها...

انساني يا حبيبي...

لم ينتبه لها ربما لأنها كانت تحتمي بمظلة ، و هي التي كانت لا تحب المظلات لأنها كما تقول تحرمها من متعة الإغتسال بمياه الطبيعة ، و الشعور بالتجدد و الحياة...

تذكر حين قالت له ذات مرة أنه أنقي الأمطار التي قابلتها في حياتها و أكثرها غزارة ، أمطار اسكندرية ، فهي أحبت أمطار القاهرة لثلاث سنوات كاملة ، ثلاث سنوات عاصفة مليئة بالبرق و الرعود ، ثلاث سنوات اتضح بعدها أن القاهرة كانت تخدعها ، لأنها في السنة الثالثة لم تمطر لها ، و ذهبت لتمطر علي جسد امرأة أخري غيرها...

امبارح تلاقينا قعدنا ع حجر...

برد و حوالينا عريان الشجر...

خزقنا الصور و محينا القمر...

ردتلو مكاتيبو ، و ردلي مكاتيبي...

لم ينتبه لها لأنه ربما لم يحزن لرحيلها بقدر ما أحزنه ما قالته له قبل رحيلها ، حين أخبرته أنها اكتشفت أن الأمطار كلها واحدة في كل الأماكن ، القاهرة كالاسكندرية كالسويس ، و هو الذي كان ينزعج حينما تذكر له ماضيها معهم ، و يتسائل متعجباً : أي وغد صبور هذا الذي يستغرق ثلاث سنوات بأكملها لخداع امرأة ما ، الآن صار مندرجاً ضمن قائمتها السوداء معهم ، صار واحداً منهم...

لكن الحقيقة أنه لم يخدعها يوماً واحداً في حياته ، بل ولا حتي ثانية واحدة ، لقد أحبها حقاً ، هو ليس مثلهم ، جل ما حدث أن الظروف غيرته قليلاً ، أجبرته علي أن يكون عاصفاً علي غير عادته ، و الأمور السيئة تحدث أحياناً...


كِل من طوي شراعو و راح بها المدى...

ولدين و ضاعوا ع جسر الصدى...

تفرقنا بهدا و  الدنيي هدا...

بخاطري صليلي ، تسعد يا حبيبي...


الحقيقة أنها كانت مخطئة بشأنه ، بل و بشأن كل من عرفتهم قبله ، الرجال لا يستغرقون أعواماً لخداع امرأة ما ، الرجال يحبون ، يحبون بإخلاص ، و يحاولون قدر الإمكان الحفاظ علي طبائعهم التي جلبت لهم ذلك الحب ، و لكن ما يحدث أنهم يضعفون أحياناً أمام الظروف ، ينهارون ، و يدمرون في طريقهم كل شئ جيد في حياتهم عن غير قصد...

لقد كانت مخطئة حقاً ، ربما كانت الأمطار واحدة في كل الأماكن ، لكنها ليست واحدة في كل المواسم...

لا إنت حبيبي...



13 التعليقات:

جايدا العزيزي يقول...

رائع حقا حسنى

السرد مع بعض المقتطفات الشعريه

اوئيدك فى جملتك الاخيره يادكتور

انا من عشاق المطر وفصل الشتاء

تحياتى

آخر أيام الخريف يقول...

hayel ya fandem alf alf 7mdella 3ala elsalama ..w law ennak 3amalt eqtbas li esmi el7araki :)

kmhmhgfd يقول...

جميــــــــــــــــــــل اوى البوست بجد
واغنية فيؤروز دى ياما عشت معاها
عجبنى اسلوبك وتصويرك


جدااا :)

عبد الرحمن سالم يقول...

كالعادة يعني....

رائع.

Ramy يقول...

يا حسنى


يخرب بيت كدة

شرح رائع للأحاسيس

جامد يا حسنى

(:




_________________________
I have added cool emoticons to this message.
To see them go to http://x.exps.me?9964217694904afa96c69c5a7dcdc95e

sony2000 يقول...

لالالالااء كدا
هاتلي رابط الاغنيه

بجد كلامك شجعني اسمعها

كدا الواحد يسمع براحته خالص
برائع كلامك دا

Unknown يقول...

جايدا العزيزي...
طالما بتحبي المطر ، هغرقهالك البوستات الجاية ان شاء الله :))

Unknown يقول...

آخر أيام الخريف...
تصدقي بإيه وانا بكتب الإسم ده بردوا كنت متأكد انك هتقولي كده D: بس قولت بعد كده أحسن عشان تيجي و تسيب كومنت D:

Unknown يقول...

زي ما تيجي...
انا مبعرفش اكتب البوستات اللي من النوعية دي كتير بس الحمد لله ان ربنا سترها معايا و عجبتك :))

Unknown يقول...

ع.سالم...
كالعادة ، نورتني بجد :))

Unknown يقول...

راااااامي...
لما انت بالذات تقولي شرح رائع للأحاسيس يبقا يا إما بتجاملني يا إما انا عدييييت D:

Unknown يقول...

سوني...
طب الأغنية و حلينا مشكلتها :)) البوست بقا أخباره ايه D:

.:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::. يقول...

النساء دوما يكفرن العشير
هناك حقيقة لا تدركها ولا تعيها النساء جيدا ان التغير سنة كونية وان الحب تقبل دوما الاخر كما هو لا كما تشاؤه ان يكون ما دام هناك توافق روحي وعقلي
وجب تقبل طباع و تغيرات الاخر لان الواقع يقول اننا ايضا نتغير دون ادراك

الاسلوب رائع حقا اعجبني

Share |