الثلاثاء، ٣١ أغسطس ٢٠١٠

سري الكبير...


انصاف النائمين امثالي يعانون من ذلك...
و في الغالب حينما تصطدم طائرة استطلاع بأنفك لن تبالي كثيرا و ستستكمل نومك ، لكن الأمر يختلف عندما تجد قاعدة امريكية كاملة اسفل ذراعك...
كان الأمر يزعجني في البداية ، لكنني صرت معتادا علي شكواهم الدائمة من رائحة فمي ، علي كل حال ليست مشكلتي فالسرير يكفي الف قاعدة فلماذا لم يجدوا الا المكان المواجه لفمي...
اتحاشي ازعاجهم و اوجه نفسي نحو الحائط فأجده مشروخا تسيل من ثناياه الدماء ، اغمض عيني متسائلا عن مصدر الدماء فأسمع موسيقي (هاللويا) قادمة من لا مكان ، و يجيبني اسامة منير بصوته الخفيض...
-ليست هذه بدماؤك ، و ليست لك دماء بجدران احد.
حينها ادرك انه محق ، لطالما انصت لأسرارهم ، و لطالما كان لكل منهم سره الكبير ، السر الذي يحفظه كل منهم خلف اكثر ابواب عقله إحكاما ، هكذا امتلأت بدمائهم و صرت مزحوما بألامهم ، حتي صرت لا أعرف من انا ولا بماذا احلم ، ماذا يؤلمني و ماذا يسعدني...
لطالما تسائلت هل للباعوض فصائل دم محددة أم ان الباعوضة الواحدة تحمل بداخلها الاف الفصائل ممن امتصت دمائهم ، دماء طفل نام خائفا من عقاب مدرسته غدا لأنه لم ينه واجبه ، دماء رجل اشيب يحلم بالخلاص ، دماء مراهق مفعم بالأحلام ،  دماء فقير يحلم بالعشاء ، دماء شاب يحلم بالزواج ، و دماء زوجة تحلم بالطلاق...
قمت من مرقدي بهدوء فتلاشي كل ذلك ، غالبا لا اذكر شيئا من تلك الروئ الا ذكريات مشوشة رغم انني اكون بنصف وعي ، لكن هذه الرؤية بالذات كانت اوضح من الواقع ذاته ، كانت نقية واضحة ، موجهة لشخصي و مركزة علي ذاتي...
فتحت درج مكتبي و اخرجت اجندة مذكراتي ، من الغريب ان تتصفح مذكراتك لكنك قد تكون غافلا عن اكثر جوانب حياتك اهمية ، في لحظات كهذه تظهر اهمية المذكرات...
بحثت عن مغامرة ما ، سر كبير اخفيه ، شئ اخاف عليه ، روح أتعلق بها ، حب يحيا بداخلي ، شئ أتمناه ، أمل أعيش عليه ، أو طموح أتطلع إليه...
كان محقا ، لا تحمل مذكراتي شيئا يستحق الإخفاء ولا تحمل حياتي عبرة ما قد تفيد الأجيال القادمة ، إنها حياة خالية من الأسرار ، حياة روتينية ، نمطية ، حياة بلا حياة...
الآن فقط أدركت أن سري الكبير ، هو أنه لا سر لي...

الخميس، ٢٦ أغسطس ٢٠١٠

كلام فارغ...















كلما زاد حجم كرشك كلما زادت مكانتك...
و هي نظرية دائما تثبت صحتها ، لا أدري لماذا تذكرت ذلك فإنني أري كل من هو ذو منصب ذو كرش متدلي كذلك ، فقط هو خطأ إدراكي شائع يتعلق بمتغيرات المكانة ، فكلما ارتفعت مكانة الشخص كلما ادركناه أعرض و أطول و أكبر حجما ، و كأن الإدراك النفسي شمل بقية الحواس ، هذا فيما يتعلق بإدراك صاحب المكانة...
و علي ذكر المكانة فإن تناول نفسية صاحب المكانة ذاتها يعد شيئا ارتجاليا بالنسبة لي لم أدرسه مسبقا ، ففي رأيي أنه كلما ازدادت مكانتك زادت ثقتك بذاتك ، حتي تصل عند أعلي مستوي من الرضا الداخلي لحالة من الملل و الشعور بالرتابة ، حينها تتغير اتجاهاتك لإشباع حاجات نفسية أخري...
_____________________________________________
-وعند مستوي معين من السلطة ، بتزهد في كل شئ ، الفلوس و الممتلكات ، حتي النسوان يا راجل...
_____________________________________________
و عند مستوي معين من السلطة تصبح شخصا آخر ، و تبدأ في التأمل ، بالضبط كمن يرسم لوحة ثم يتأمل بها بعد الإنتهاء منها...
و لكن التأمل هاهنا لا تكون نتيجته إيجابية ، فهو لا يأخذ بيد صاحبه إلا إلي سماء مليئة بالألوان الطبيعية الخلابة ، تلك الألوان التي نراها في الأجرام السماوية البعيدة ، و حينها نبدأ في التساؤل عن طبيعة تلك الألوان التي هي موجودة منذ الأزل لكننا لم نراها ، فنتسائل عن حقيقة الحياة ، و الموت ، العدالة و الحب و السياسة و غيرها ، خليط غريب يخلق لدينا رؤية فلسفية شاملة للكون ، و بعد أن نكتشف حقائق إدارة الكون ، نبدأ في التخلي عن القوانين المفروضة علينا ، و نصنع قوانيننا الخاصة من باب التمرد علي الواقع المزيف الذي كنا نعيشه كممثلين علي مسرح الحياة...
و في مرحلة متقدمة تبدأ التأملات في التطور لدرجة مخيفة يبدأ معها المتأمل في الهرطقة و ادعاء النبوة ، في الواقع لا يدعي بل يعتبر نفسه هكذا بلا نقاش و كأنها حقيقة مطلقة يعرفها منذ زمن...
____________________________________________
-علي فكرة أنا و انت متشابهين في حاجات كتيرة أوي ، إحنا الاتنين خرجنا من حضن الأسرة علي قسوة الوحدة ، بس ده طبيعي ، كل الرواد و المفكرين و الأنبياء ، حتي المجانين يا راجل دايما لوحدهم ، و دي ضريبة الإختلاف....
____________________________________________
و مع تطور التأملات تتطور القوانين حتي ينصب المرء نفسه إلها لنفسه ، و حينها يصبح جديرا بالفعل بغرفة في مستشفي الأمراض العقلية...
لا أعتقد أن هناك مستويات أخري لعواقب السلطة ، فإن الوصول لدرجة التأله هي أعلي درجات الجنون و الكفر في رأيي ، فللوحدة أثارها ، و لكن لا يحدث التدريج السابق ذكره إلا عندما تتلاقي الوحدة بامتلاك السلطة و القوة...
فإن كثيرا من الزعماء كانت نفوسهم غير سوية كهتلر علي سبيل المثال و ليس الحصر ، و بالرغم من ذلك كانت ألمانيا وقتها في أقوي فتراتها ، فكيف استطاع هتلر اقناع قيادات دولة كاملة بالخضوع لأوامره و تسييرها وفقا لاتجاهاته الغير متعقلة ، إن الجنون أحيانا يكون معد ، بالضبط كأي مرض عضوي معد ، فإن لبعض المجانين كاريزما مؤثرة للغاية فيمن حولهم ، حيث تكفيك بضع ساعات من الإصغاء لأحد المرضي كي تغير أرائك و معتقداتك و اتجاهاتك ، و قام (الجوكر) بلعب هذا الدور بمنتهي البراعة في فيلم (باتمان) الأخير ، حيث استطاع استغلال طاقة الغضب داخل احد العناصر الهامة سياسيا في المجتمع ببضع كلمات ليصنع منه مجرما ينتقم من الجميع...
إن بعض المجانين يشعون بطاقة نفسية هائلة و هذا لا خلاف فيه ، و هذا ما يجعلنا نري أفلاما عن مستشفيات المرضي العقليين المهجورة ، و التي مازالت بعد كل هذه السنين تحتفظ بتلك الطاقة النفسية بها ، طبعا كل هذا كلام فارغ فلا توجد طاقة نفسية تملأ الفراغ ، لذا إن كنت تنوي أن تكون مجنونا فعليك أن تعرف بعض القواعد...
فحتي الجنون له قيود و قوانين...
Share |