انصاف النائمين امثالي يعانون من ذلك...
و في الغالب حينما تصطدم طائرة استطلاع بأنفك لن تبالي كثيرا و ستستكمل نومك ، لكن الأمر يختلف عندما تجد قاعدة امريكية كاملة اسفل ذراعك...
كان الأمر يزعجني في البداية ، لكنني صرت معتادا علي شكواهم الدائمة من رائحة فمي ، علي كل حال ليست مشكلتي فالسرير يكفي الف قاعدة فلماذا لم يجدوا الا المكان المواجه لفمي...
اتحاشي ازعاجهم و اوجه نفسي نحو الحائط فأجده مشروخا تسيل من ثناياه الدماء ، اغمض عيني متسائلا عن مصدر الدماء فأسمع موسيقي (هاللويا) قادمة من لا مكان ، و يجيبني اسامة منير بصوته الخفيض...
-ليست هذه بدماؤك ، و ليست لك دماء بجدران احد.
حينها ادرك انه محق ، لطالما انصت لأسرارهم ، و لطالما كان لكل منهم سره الكبير ، السر الذي يحفظه كل منهم خلف اكثر ابواب عقله إحكاما ، هكذا امتلأت بدمائهم و صرت مزحوما بألامهم ، حتي صرت لا أعرف من انا ولا بماذا احلم ، ماذا يؤلمني و ماذا يسعدني...
لطالما تسائلت هل للباعوض فصائل دم محددة أم ان الباعوضة الواحدة تحمل بداخلها الاف الفصائل ممن امتصت دمائهم ، دماء طفل نام خائفا من عقاب مدرسته غدا لأنه لم ينه واجبه ، دماء رجل اشيب يحلم بالخلاص ، دماء مراهق مفعم بالأحلام ، دماء فقير يحلم بالعشاء ، دماء شاب يحلم بالزواج ، و دماء زوجة تحلم بالطلاق...
قمت من مرقدي بهدوء فتلاشي كل ذلك ، غالبا لا اذكر شيئا من تلك الروئ الا ذكريات مشوشة رغم انني اكون بنصف وعي ، لكن هذه الرؤية بالذات كانت اوضح من الواقع ذاته ، كانت نقية واضحة ، موجهة لشخصي و مركزة علي ذاتي...
فتحت درج مكتبي و اخرجت اجندة مذكراتي ، من الغريب ان تتصفح مذكراتك لكنك قد تكون غافلا عن اكثر جوانب حياتك اهمية ، في لحظات كهذه تظهر اهمية المذكرات...
بحثت عن مغامرة ما ، سر كبير اخفيه ، شئ اخاف عليه ، روح أتعلق بها ، حب يحيا بداخلي ، شئ أتمناه ، أمل أعيش عليه ، أو طموح أتطلع إليه...
كان محقا ، لا تحمل مذكراتي شيئا يستحق الإخفاء ولا تحمل حياتي عبرة ما قد تفيد الأجيال القادمة ، إنها حياة خالية من الأسرار ، حياة روتينية ، نمطية ، حياة بلا حياة...
الآن فقط أدركت أن سري الكبير ، هو أنه لا سر لي...