الثلاثاء، ٢٣ أغسطس ٢٠١١

سين...


من 6 – 12 سنة...
الغرفة مظلمة و لكني لا أكترث ، في ظروف أخري كنت لأظل متيقظاً حتي يغلبني النعاس ، كنت لأظل أقاوم جفوني التي يزداد وزنها أطناناً بمرور الوقت...
لكن الآن و طالما أن أمي بجانبي فلا يوجد أدني سبب للخوف ، بل ولا سبب لأن أظل محدقاً بعيني في الظلام خوفاً من تلك الأشياء التي تجول بخاطري دائماً...
فقط لا يبدأ الخوف إلا حينما ينقطع صوت التسبيح فجأة ، صوت التسبيح الذي يطمئنني دائماً أنها بجواري ، ستكون كارثة مدوية لو اتضح انها قامت و تركتني في الظلام وحيداً ، حتي و إن غفوت قليلاً فإنني أستيقظ فور انقطاع ايقاع تسبيحها المنتظم ، الهادئ ، الهامس...
سبحان الله و الحمد لله ، ولا إله إلا الله...
**********************************
من 12 – 20 سنة...
تدريجيا قل إيماني بتلك الخيالات الطفولية ، إلا أنني مازلت أخشي الظلام ، و ما زلت بحاجة لوجود أمي بجانبي...
لكن ما حدث أنني صرت أجد صعوبة في النوم مع صوت تسبيحها ، فجأة صار تسبيحها الهامس يؤرق نومي ، خاصة حين تضغط بأسنانها علي حرف السين في (سبحان الله) ، كنت أشعر به و كأنه سكين يمزق أعصابي ، ربما لو نطقت به دونما همس لكان أثره أخف...
أحيانا كنت أطلب منها الانتقال للغرفة المجاورة ، أحيانا كانت توافق في هدوء ، و أحيانا تخبرني في انزعاج مازح أن هذا المنزل بإسمها ، و أن لها الحق في طردي منه و الجلوس بأي مكان تريده ، هي لا تذكر ذلك لكني أذكر تلك الفترة التي بدأت تسمع فيها عن الأبناء الذين يضربون أمهاتهم و أبائهم و يطردونهم من بيوتهم ، أذكر جيدا نظرة الخوف في عينيها ، الخوف من الغد ، الخوف من أن يفعل بها هكذا رغم يقينها من استحالة حدوث ذلك ، لذا فهي و إن كانت تمزح بشأن ملكيتها للمنزل إلا أنني أستشف دائما لمحة من الجدية في ما تقول ، يصعب تصور هذا لكنه حقيقة...
و علي كل حال فإنه في جميع الحالات تبقي النتيجة واحدة ، فحتي لو ذهبت هي للغرفة المجاورة يبقي تركيزي بالكامل مع تسبيحها الهامس من بعيد ، و كأن أذناي تبحثان عنه بحثا دونما إرادة مني...
سبحان الله و الحمد لله ، ولا إله إلا الله...
**********************************
من 20 – حتي الآن...
لم تعد تجلس بغرفتي ، ولا الغرفة المجاورة ، و برغم ذلك يظل صوت تسبيحها يرافقني عند ذلك الخط الفاصل بين النوم و اليقظة ، بل و أكاد أجزم أنني أسمعه واضحاً في سكون الليل يأتي من جميع غرف المنزل ، منتظم ، هادئ ، و هامس...
إما أن المنزل مازال يذكرها ، أو أن أذني مازالت تتعطش شوقاً لحرف السين...
سبحان الله و الحمد لله ، ولا إله إلا الله...

10 التعليقات:

Radwa Ashraf يقول...

راااائعة !
تسلم إيدك بجد !

Rosa يقول...

وجعتنى :)

sabry abo-omar يقول...

جميل فعلا كلامك..أنا كمان وجعتنى وتعبتنى.. أشكرك على موضوعك وإحساسك .. واضح انك بتعيش كل حاجة فى حياتك بإحساس عالى أوى .. ربنا معاك ويوفقك

r يقول...

سيحان الله والحمد لله ولا اله الا الله
جميله جدا الذكريات عندما فقط تعيش

mrmr يقول...

كل سنه ومصر كلها بخير
عيد سعيد

Unknown يقول...

رضوي أشرف...
ربنا يخليكي يا رب دايماً كل البوستات تعجبك :)

Unknown يقول...

روزا...
ماعاش اللي يوجعك :))

Unknown يقول...

د.صبري...
مفروض كل ده ف يوم من الأيام كان حاجة عادية مكنتش اتصور ان هاييجي يوم و اكتب عن تسبيح امي بس الواحد مبيعرفش انه مستقبلاً هايقدر قيمة أبسط الحاجات اللي كان بيعيشها...

Unknown يقول...

بسنت...
جميلة بس بعد ما يعدي سنين عليها ، في لحظتها مش بنقدر قيمتها...

Unknown يقول...

مرمررررر...
كل سنة و انتي بألف صحة و سلامة ، وعيد سعيد علينا كلنا :)

Share |