لأسباب تتعلق بالضمير أرتبطت بها...
كانت تستهوي البكاء في وجودي معها ، لم يكن لها أحد سوي أخيها المعاق...كانت لا تتكلم سوي عن معاناتها في العناية به ، حين رأيته للمرة الأولي رق قلبي لحاله...كان في حالة يرثي لها فلم أفهم أي عناية تلك التي تحدثني عنها ، اعتنيت به في غيابها ربما أكثر مما تعتني هي به...تعلقت به و أحببت نظراته التي لا تخفي شيئا ، كان لا يكذب ولا يخون..ولا يكره ولا يحمل الضغائن لأحد ، ضاقت ذرعا باهتمامي به و قالت أنني لا أحبها...تشاجرت معها علي برودها و عدم احساسها بآلام أخيها...
تغيبت عنها ما يقرب اسبوعا و لهفتي لرؤية الفتي تتزايد...كرهتها و لكنني كنت مضطرا للتعلق برخصتي الوحيدة لرؤية ذلك المسكين...
صادفتها ذات مرة أمام باب المجلة التي تعمل بها...فكرت في معاتبتها أولا ثم محاولة الصلح ، و لكن حينما رأيته داخل السيارة عرفت سر الكدمات التي تملأ وجهه...إن تلك المريضة تخرج غضبها به ، نظر لي من خلف الزجاج بنظرة استعطاف و رجاء...لم أتحمل ما رأيت و قررت ألا أخذله ثانية...
-تتجوزيني ؟
قلتها مرغما مضطرا لنجدة هذا الملاك الطاهر من براثنها...طارت من الفرحة ظنا منها أنها خلبت عقلي و أنني أعشقها بجنون...
و بعد الزواج عشت أياما كالحلم...زادت ساعات عملي لكنني كنت أراه ، في كل وقت و في كل مكان أصحبه معي...جعلته يري الدنيا كما لم يراها من قبل ،لكن مشاجراتها تصاعدت معي و كأنني أعتني بضرتها و ليس بأخيها الأكبر منها...ضقت ذرعا و تشاجرت معها ذات يوم تاركا المنزل ، و حينما عدت بالمساء وجدت البيت و قد أصبح جنة أرضية...رائحة عطرة و شموع حمراء و أطباق علي السفرة تنبئ بعشاء فاخر...
أدركت أنها شعرت بخطأها و مدي قسوتها معي نحو أخيها و قد قررت أن تصالحني بهذه الطريقة...
خرجت من المطبخ و علي وجهها ابتسامة لم أرها علي وجهها منذ التقيت بها ، طلبت مني أن أبدل ثيابي بينما تجهز العشاء...و حينما خرجت من حجرتي كنت أضع في قرارة نفسي أن أيام العذاب قد أنتهت و أنني تزوجت بامرأة مسكينة ضحية الضغوط النفسية في عملها...
جلست في نهاية المائدة لتأتي زوجتي العزيزة بالعشاء بذات الابتسامة الرائعة...نظرت لما وضعت في طبقي و لم أستوعب الأمر لبضع ثوان...
كان ما وضعته في طبقي رأس شخص لا يكذب ولا يخون...ولا يكره ولا يحمل الضغائن لأحد...
نظرت لها في ذهول تام بينما كانت تقطع أصابع يده بالسكين في طبقها قبل أن تنظر لي في براءة تامة قائلة...
-ايه ياحبيبي مابتاكلش ليه ؟