الأحد، ١٣ يناير ٢٠١٣

فضوليزم...




الثلاثاء 11 نوفمبر 2012
علي إحدي المقاعد العامة بشارع النيل ، أقرأ سلسلة مقالات "دماغي كده" للرائع أحمد خالد توفيق ، محاولاً التوصل إلي فكرة ما للكتابة ، بينما يراقبني المارة الأوغاد الجهلاء الذين لا يقرأون أبدا...
النيل رائع بحق لكن صفحة المياه الممتدة هذه لا تلهمني سوي ببعض الأمل في أن تكون محطات التطهير تقوم بعملها جيدا ، دعك من أنني لست من هذه النوعية التي تحاول استدعاء أفكارها أمام النيل ، لا لست بهذا العمق حقا ، أنا فقط أحاول التقاط أنفاسي بعد مشوار طويل ، لو أردت رأيي فإن أفضل الأماكن لاستدعاء فكرة جيدة للكتابة هي الأماكن المزدحمة ، المترو علي وجه التحديد ، إن الناس تتواصل بداخله بالنظرات فحسب ، لا أحاديث جانبية إلا فيما ندر ، لا شجارات مع السائق إلا حين يخرج عن شعوره بسبب بعض الأوغاد الذين يمنعون الأبواب من الإنغلاق ، فقط تبقي مشكلة واحدة مشتركة بينهم و بين سائر المواصلات العامة...
إنه الفضول الزائد عن الحد...
الفضول الذي يدفعهم دفعا لمشاركتك-جبريا-في قراءة أي جريدة أو كتاب ، أو حتي تصفحك للفيس بوك علي الموبايل...
أذكر أنني في إحدي الفترات اشتريت هاتفا مستعملا من شارع عبد العزيز ، فقط لأكتشف فيما بعد أنه يظهر اللغة العربية معكوسة ، أي من الشمال إلي اليمين ، حتي حروف الكلمات ذاتها معكوسة ، بالطبع لم أجروء علي إعادته للبائع لأن تجار عبد العزيز يتعاملون بسياسة "البضاعة المباعة لا نعلم عنها شيئا ، لا ترينا وجهك ثانية" ، حاولت مرارا لأجعله يقرأ العربية بشكل صحيح لكنني فشلت ، و حاولت التأقلم مع ذلك الوضع الجديد ، شيئا فشيئا صرت بارعا في قراءة العربية المعكوسة بل و كتابتها ، و بالتدريج اكتشفت قيمة ذلك الكنز الذي أحمله ، هاتف لا يستطيع فك طلاسمه أحد سواي ، لطالما رأيت نظرات التعجب في أعين الأوغاد الفضوليون حتي ظن أحدهم أنني أكتب طلاسم سحرية لكنني كنت سعيدا ، برغم كل شئ كنت سعيدا...
الحق أننا مجتمع فضولي بالفطرة ، و مهما رأينا سنظل نشرئب برؤوسنا من الشرفات عند أقل بادرة شجار تصدر من الشارع ، و نشاهد أي فيديو يتحدث عمن قام بشئ أخرق في برنامج يذاع علي الهواء مباشرة...
لقد كانت الثورة سببا في رؤيتنا لظواهر اجتماعية و سياسية و إعلامية نادرة و غير معقولة ولا متوقعة ، لكننا برغم ذلك مازلنا نحدق في كل ماهو نادر و غريب ، مازلنا لم نصل إلي مرحلة التململ التي وصل إليها ذلك السائح الأجنبي الذي مر من أمامي الآن ، حسنا أيها الوغد ربما لديكم الكثير من القراء المثقفين لكننا علي الأقل نمشي في الشارع محتفظين بملابسنا أكثر من ذلك... :@
تبا له يسير بشورت و تي شيرت في هذا الجو بينما أمي تتشاجر معي يوميا قبل النزول كي أرتدي جاكت فوق القميص...
و الآن ماذا كنا نقول ؟

4 التعليقات:

L.G. يقول...

فضوليزم
صح المصري فضولي بزيادة قوي مع ان من حسن الخلق ترك مالايعنيك

hend anwar يقول...

كل واحد فى حال التانى

هبة فاروق يقول...

الفضوليزم ما أكثرهم فى حياتنا
قرأتها فى كتابك الساخر ممتعة جدا سعيدة بالتعرف على شخصك وكتاباتك المميزة

فافى يقول...

بوست حلو
اعانى من الفضوليين حتى النخاع ودايما اقول طالما مش بتدخل فى حياة حد يبقى مش من حق حد يتدخل فى حياتى

Share |