كانت العرائس في البداية تفي بالغرض ، مجرد دمية بسيطة كانت كافية لتطير ابنة اخته فرحا...
لكنه الآن في حيرة من أمره ، فاليوم عيد ميلادها ، و عروسة أخري في مناسبة كهذه كانت لتبدو هدية تقليدية للغاية...
راودته
فكرة الحيوانات الأليفة لكنه كان متيقنا من رفض امها لهذا النوع من
الهدايا ، لكنه جازف بشراء قطة منزلية علي كل حال ليضع أخته أمام الأمر
الواقع ، ببساطة لأنه لا توجد هدية أخري تصلح لفتاة صغيرة في مناسبة كهذه ،
ربما كانت الشوكولا تصلح لكنها تذكره بزوجته السابقة التي دفعها الاكتئاب
لتناولها بشراهة ليزداد وزنها بعد ذلك بصورة مخيفة...
لا ، هو لن يفعل ذلك بهذا الملاك البرئ...
لم
يتصور أن تفرح الصغيرة بالقطة إلي هذه الدرجة التي تدفعها لتجاهل ألعابها
القديمة تماما و حتي الهدايا الجديدة التي لم تمس أغلفتها من الأساس ، ربما
لأنها تعلم ما بداخلها مسبقا ، الكثير من العرائس المملة المبتسمة في
سماجة و استفزاز ، هذه لعبة جديدة تنبض بالحياة ، شئ جديد يستحق العناية و
التمشيط ، فلتسقط الشعور الصناعية الشقراء...
بالطبع
تمر الأيام و تزداد الصغيرة ارتباطا بلعبتها الجديدة ، و مالم يخطر ببال
صاحبنا أنه حتي القطط تتوقف ذات يوم عن التصرف كالقطط ، و تصبح عرائس أخري
ساكنة مملة...
ربما
أدرك ذلك حين طرقت باب منزله في ليلة ممطرة ، ليجدها أسفل شرفته بمنامة
التصقت علي جسدها من شدة البلل حاملة في يدها جثة القطة ، و علي وجهها أسوأ
تعبير قد تراه علي وجه طفل ، هذا أكثر المشاهد مأساوية في حياته ، و
الأسوأ أنه كان سببا في حدوثه...
بالطبع لم يفكر حينها سوي في إعادتها للمنزل بأسرع ما يمكن قبل أن تشعر أمها و تخرب بيته...
و
في مرآة السيارة حانت منه التفاته نحو ذلك الجمال البائس ذو الشعر الناعم
المبتل ، لم تكن تبكي لكنها كانت تصدر أنينا خافتا في داخلها و هذا أسوأ ،
الأطفال لهم الحق في الصراخ وقتما شائوا فلماذا لا تستغل حقوقها تلك
الحمقاء ؟!
-لماذا أنت حزينة هكذا ؟ لا تقلقي ، سأعيد إحيائها من أجلك.
نظرت نحوه قائلة بصوت مبحوح...
-كيف ؟
-كالعرائس بالضبط ، و ماذا كنت تظنين القطط غير انها عرائس أخري متحركة ؟
هكذا مدت يدها نحوه بالجثة فقال محاولا عدم إظهار اشمئزازه...
-ضعيها أسفل مقعدك و سأتولي أمرها غدا.
هكذا سكنت في غير اقتناع ، لم تكن كلماته مرضية لها بالطبع لكنها علي الأقل كانت كافية لجعلها تستسلم للنوم أخيرا...
بالطبع
لم ينس في طريق عودته إلقاء القطة في اقرب صفيحة قمامة ، ليشتري لها صباح
اليوم التالي قطة تشبه السابقة تماما ، و كان هذا كافيا...
هكذا
قام لأجلها بإحياء أكثر من أربعة قطط علي مدار سنة كاملة ، و مالم يخطر
ببال صاحبنا أنه حتي الفتيات الصغيرات تتوقف ذات يوم عن التصرف كفتيات
صغيرات ، تتوقف عن تصديق أكاذيب الكبار ، لابد لها من ذلك...
ربما
أدرك ذلك حين دق جرس هاتفه ذات ليلة ليجدها علي الهاتف ، تطلب منه في
براءة أن يأتي بسرعة لأن أمها صارت عروسة أخري ، و لكن كبيرة بعض الشئ...
الآن فقط أدرك لماذا يصر الناس علي الدمي كهدايا للأطفال ، لأن الدمي مهما مر عليها الزمن لا تتوقف عن التصرف كالدمي...
-هل بإمكانك إصلاحها مثل القطط يا خالو ؟