اللجوء لحكمة ذوي العثرات الكبرى ليس بالفكرة الجيدة على
الدوام ، لو أردت رأيي فهو ليس بالفكرة الجيدة على الإطلاق ، و حقيقة أن الآلام
تزيدك قوة بمرور الوقت لا ينفي أنها بالمثل تزيد نظرتك للعالم انحرافاً عن
موضوعيتها ، و آخر ما قد تحتاج إليه هو رأي غير موضوعي خاصة فيما يتعلق بالتعامل
مع العالم..
و بفرض أننا متفقين على أنه من الأفضل لك خوض تجاربك الخاصة ، دعنا
نتفق أيضاً أنه من الأفضل لك أن تكون انتقائياً فيما يخص اختيارك لأصحاب حكمة
العثرات الكبرى ، لأن درجة الإيمان في قلب كل منهم هي ما تفصل بينهم ، هي ما
تجعلهم يتفاوتون بين أصحاب حكمة حقيقية ذوي نظرة موضوعية نحو العالم و أصحاب حكمة
زائفة هي في أصلها عدوانية محوكمة إن جاز التعبير ، لابد أنك تعرفهم ، او تعثرت
بأحدهم في أحد المواصلات ، سيوهمك أسلوبهم بأنه لا أحد قد رأى قبح العالم عن هذا
القرب مثلهم ، سيشعرونك بانتشاء ممتزج بالغثيان ، ذات النشوة التي تدفعك دفعاً
لمراقبة شجار عنيف بشارعك ، هناك جزء غير هين بداخلك يتمنى لو يتطور الشجار أكثر ،
لو تتناثر الدماء..
سيخبرونك بصوت خفيض أنه لا توجد عدالة بهذا العالم ، و أن عليك إيجاد
طرقك الخاصة في التعامل مع ذلك الوضع و التأقلم عليه ، بينما حقيقة الأمر أن نقص إيمانهم
أفقدهم الإتصال أصلاً مع مبادئ كالعدالة و الإخلاص و الحب و التعاون و الإيثار ،
أفقدهم إمكانية إدراك أن تلك المبادئ ما هي إلا أنماط وجودية أعقد من أن يستدل على
وجودها من عدمها من خلال تجاربهم المتعثرة ، نحن لا نحيا بداخل تجربة فيزيائية لو
كنت تفهم ما أعنيه..