أحد
أكثر الأسباب شيوعا لكونك تشعر أنك لا تشبه الآخرين هو أنك لا تشبههم بالفعل ، علي
حد علمي نحن لسنا نسخاً مكررة ، لكننا علي الجانب الآخر نميل لاستكمال الصور
الناقصة ، ملء الثغرات ، نميل لتصنيف الآخرين على الدوام حتى و إن كان ما نعرفه
عنهم هو اللاشئ ذاته ، لابد من تفسير و إلا سنجن...
إذن أنت تشعر بالاختلاف لأنك تصنفهم و ليس العكس ، لكن المشكلة لا تكمن في التصنيف بقدر ما تكمن في أن ما تعتمد عليه من معلومات في تصنيفك لا يقل أهمية عن معلومة أن
هذا الشخص كائن حي يأكل و يشرب و يستحم ، أنت تصنف وفقا لمعلومات سطحية للغاية و
من الطبيعي أن تتوزع علي فئات واسعة من البشر...
شخصياً لا أصدق من يقول أنه لا يصنف ، ربما يراقب تصنيفاته جيداً لكنه من المستحيل
ألا يصنف تماماً ، التصنيف أمر صحي في صورته المتوسطة ، تلجأ إليه عقولنا لأننا
بحاجة لأرض صلبة نقف عليها عند التعامل مع العالم ، بالضبط مثلما يصنع المخ أحلاماً لحوادث وهمية تفسر الألم البدني الذي نشعر به بعد الإستيقاظ ، المخ يمقت علامات
الاستفهام ، يسعي دائماً لتفسير كل شئ ، حتي و إن اقتضي ذلك وضع تفسيرات لا أساس
لها من الصحة...
لذا لا تظنني هنا أدعوك للتوقف عن تصنيف الآخرين ، فقط أدعوك لتتذكر علي الدوام ،
أن الفروق الحقيقية تكمن بالداخل ، في تلك الغرفة التي لا تشبه غيرها ، حيث لا تعود الأمور كما كانت أبداً...