الثلاثاء، ١٣ أغسطس ٢٠١٣

aristocracy is now !



العلم لم يكن يوما أمرا ارستقراطيا ، لكن الكثير من دارسيه و مدرسيه جعلوه كذلك...

حسنا المجتمع بأكمله جعله كذلك...

حاول أن تذكر واحدا من الأوغاد الذين كانوا يدرسون لك في الجامعة و لسوف تفهم ما أعنيه...

حاول أن تذكر نظرة حماتك إليك حين علمت أنك حامل لشهادة الدكتوراه في أمر ما...

حاول أن تذكر حين وضعت لنفسك نظرية بشأن عدوانية سائقي الميكروباصات ، في حين أنك لم تركب واحدا في حياتك...

حاول أن تذكر صديقك الذي كان مصرا علي إنهاء دراسته برغم أنه لا يحب هذا المجال ولا ينوي الاقتراب منه بعد التخرج ثانية ، صدقني لا أحد أجبره علي فعل ذلك سوي المجتمع...

حاول أن تذكر نفسك حين حاول أحدهم التحدث فيما يخص مجال تخصصك لتخرسه أنت في استعلاء بجملة " أنا دارس كذا و عارف أنا بقول ايه كويس "

المشكلة أن الصورة النمطية عن الأرستقراطية كانت أكثر رحمة و إنسانية و تحضراً مقارنة بما هي عليه الآن ، لقد تركت الأرستقراطية بصمتها في كل شئ و لم تعد مقتصرة علي طبقة ذهبية بعينها ، تركتها في العلم ، في الفن ، في السياسة ، في العمل و في الحياة بأسرها ، الكل يصر علي احتكار كل شئ لنفسه حتي التفكير ذاته ، و صار المجتمع مقسما لطبقات فكرية كل منها تري الأخري حمقاء مغيبة عن الواقع...

ثم تسمع أصواتاً تطالبك بالديمقراطية ، طبقوها بداخلكم أولاً...

الجمعة، ٢ أغسطس ٢٠١٣

تسامي...



أحيانا أتسائل ، كيف لم تُجري حتي الآن دراسة إحصائية واحدة بشأن دوافع المتطوعين للأعمال الخيرية ؟ أو ربما أُجريت ، لا أعلم حقا...
أعني..في الأديرة ، علي سبيل المثال ، يرفضون استقبال راغبي الرهبنة إذا اكتشفوا أن رغبته ورائها حياة فاشلة يسعي للهروب منها ، صدمة عاطفية ، أي شئ قد يدفعه للارتقاء بدوافعه من خلال خدمة الرب ، مثل تلك الدوافع لا يدوم تأثيرها طويلاً لو كنت تفهم ما أعنيه ، حين تسعي للرهبنة فعليك فعل ذلك عن اقتناع و ليس هرباً من ماضٍ مؤلم...
تخيل الآن أن لدينا فرض بحثي يتلخص في أن نسبة لا يُستهان بها من المتطوعين بالأعمال الخيرية هم في الواقع هاربين من ماضٍ مماثل ، في الواقع ، الجمعيات الخيرية لا تهتم ، فلتهرب كما تريد مادمت تنوي الهرب إلينا...
من زاوية سيكولوجية لا يسمي ذلك هروبا بقدر ما يتم اعتباره نوع من التطبيق اللاشعوري لميكانيزم التسامي و الإعلاء ، أحد الطرق  الدفاعية اللاشعورية و التي تهدف باختصار إلي حفظ توازن البناء النفسي و ضمان عدم انهياره تحت الضغوط ، هناك تصنيف خاص بالميكانزمات ذات الطابع الهروبي ، و هي-صدق أو لا تصدق-لا تعبر عن حالة مرضية إلا عندما تحيد بأدائها عن المعدل الطبيعي ، فمثلاً يعبر ميكانيزم التسامي و الإعلاء في صورته الطبيعية عن صحة نفسية عالية ، و لكن حين يصل الأمر لدرجة إنكار الذات مثلا فيما يخص العمل الخيري ، حينها يصبح الأمر جديراً بالعلاج ، لا أذكر حقاً إن كان التسامي مدرجاً ضمن تصنيف الحيل الهروبية لكني سأصاب بخيبة أمل إن لم يكن كذلك...
الأمر ذاته ينطبق علي هؤلاء الذين يستيقظون فجأة ليقرروا أن عليهم ممارسة الرياضة اليوم ، و حلق ذقونهم ، و التوقف عن التدخين ، و ممارسة اليوجا و تعلم العزف علي البيانو و تنظيف اسنانهم بانتظام فقط لأنهم يحاولون إنهاء آلامهم اليوم ، أو بصيغة أخري يحاولون-لاشعورياً-الارتقاء بدوافعهم السلبية إلي مستويات أكثر إيجابية ، بل و تعميم ذلك علي كل تفاصيل حياتهم بدءًا من أبسط الأشياء لأضخمها ، لكن ذلك لا يدوم علي كل حال...
ما المشكلة إذن مادام الأمر صحيًا في النهاية ؟
في الواقع لا توجد مشكلة ، بالنسبة للمجتمع ، لك أن تتخيل أن أغلب النتاجات الفكرية و الأدبية و الشعرية و الفنية ما هي إلا مظاهر لأفعال تم التسامي بها و إعلائها من دوافع و رغبات داخلية مكبوتة في النفس إلي أعمالٍ مقبولة و تجد الرضا من المجتمع ، لن تجد كالكُتّاب من هم أكثر قدرة علي توجيه طاقاتهم الاكتئابية نحو نشاطٍ منتج ، الحزن سلعة انفعالية مطلوبة رغم كل شئ ، و القراء لا يهتمون بمعاناتك الداخلية مادمت تمنحهم بعض العمق الجميل...
لذا يمكنك ملاحظة أن هذا المقال ليس هدفه البحث عن حل لظاهرة ما ، إنه فقط محاولة لفهم تلك الآلية التي تحكم جانب من جوانب السلوك البشري...
فقط ، لا أكثر ولا أقل...
Share |