الأربعاء، ٢١ سبتمبر ٢٠١١

ارتباطات شرطية - فيروز



يعني ايه ارتباط شرطي ؟

يعني تبقا متعود تترزع في كافيه ممل مش بيشغل غير كام ألبوم لكام مطرب علي طول ، لدرجة انك لو سمعت أغنية من دول في اي وقت أو أي مكان أول حاجة تيجي علي بالك الكافيه ده...

يعني ببساطة ، كل واحد فينا ليه مواقف معينة صادف فيها أكتر من مثير مع بعض ، و مع تكرار الموقف بيحصل حاجة اسمها "تدعيم الروابط بين المثيرات" ، يعني لو واجهت مثير واحد من الاتنين دول بعد كده يفكرك بالتاني ، و اللي يعرف تجربة بافلوف الشهيرة مش محتاج يقرا كل الرغي اللي فات ده...

فيروز :

-يعني المترو بصفة عامة ، خط حلوان بصفة خاصة ، الكام محطة اللي بيظهر فيهم جبل حلوان من بعيد بصفة أخص ، يعني اتدايق أوي لو ركبت و غلطت في الناحية اللي قعدت فيها بحيث يبقا الجبل ورايا مش قصادي ، و يعني الناس تبصلي باستغراب لما اقوم من مكاني للمكان اللي قصادي عشان اشوف الجبل ، هوا لا جبل ولا حاجة هوا أقرب للهضبة بس بسمعهم بيقولوا عليه كده...
-يعني ريحة المطر من شباك المترو بعد آخر امتحان ترم أول في أولي آداب ، يومها مشيت علي طول و سبت بشوي في الامتحان لإنه بيقعد لآخر الوقت و كل مرة بستناه تحت ، بس المرة دي حسيت انه مش هيتدايق مني ، هو أصلاً عمره ما اتدايق مني و عشان كده بحترمه جداً لإنه مش محبكها معايا و بيعذرني تحت أي ظرف ، بيستحمل صمتي المبالغ فيه ، بيعذرني لو وعدته ف يوم اني نازل الجامعة و اتصل لقاني ف تاسع نومة ، صداقة مناسبة فعلا بالنسبالي لإني مبحبش اللي يقفلها ف كل حاجة من باب اننا "صحاب و عيب أوي اللي بتعمله ده"...

في اليوم ده كان قصادي في المترو 2 أجانب و معاهم طفل صغير ، واحد ماسك خريطة بيمقق عينه فيها و مراته قاعدة بتقرا كتاب...

المطر مع جوز الأجانب دول و موسيقي بحيرة البجع ، كان ناقص ابص من شباك المترو الاقي كام بقرة حلوب تلهو في المراعي الخضراء الشاسعة...

بس طبعاً مش معقول هفضل ساعة بحالها اسمع بحيرة البجع لحد آخر الخط ، غيرتها و شغلت "إداش كان في ناس" مع اني كنت زهقت من كتر ما بسمعها وقتها ، بس لقيتلها طعم تاني في الجو ده...

-يعني أركز علي اللحظة الحالية و استمتع بيها علي أد ما اقدر ، و ارمي الماضي و المستقبل كله ورا ضهري...

-يعني المشي جنب النيل من محطة الأوبرا لحد مكتبة مصر "مبارك سابقاً"...

-يعني مذاكرة ملازم المراجعة النهائية قبل الامتحانات بأسبوعين تلاتة علي صوتها مع مج نسكافيه باللبن أو بلاك لو مفيش لبن...

-يعني لقاء تبرع الدم مع رامي اللي سمعت فيه لأول مرة عن ألبوم "إيه في أمل"...

-يعني احساس داخلي بالرضا و ابتسامة خفيفة جوايا مش ظاهرة علي شفايفي...

الثلاثاء، ٢٠ سبتمبر ٢٠١١

عقدة الجاكوزي...



كان يقود سيارته في هدوء حين حين حانت منه نظرة نحو متجر الأدوات الصحية ، ذلك المتجر الذي يمر به في طريقه للمنزل علي الدوام ، الآن يري به شيئا مميزاً ، الآن يكن له بعض الإحترام...
هكذا وجد نفسه يترجل من السيارة نحو المحل ثم توجه نحو البائع قائلا في تردد...
-عندكوا جاكوزي ؟

******************************************

لطالما كان حذراً في كل شئ...
و منذ طفولته و حتي الآن مازال يخشي صدمة مياه الدش الباردة حتي ولو كان الجو حاراً لا يطاق ، لطالما لازمته عادة فتح مياه الدش ببطء لتسقط قطرات منها علي ظهره أولاً ، ليزيد من قوة المياه تدريجيا بعدما يتأقلم جسده علي برودتها...
لطالما كان حذرا في كل شئ ، لطالما كان خجلاً مع النساء...
و رغم أنها كانت تشاركه في العمل مكتب واحد لثلاث سنوات متتالية ، إلا أنه لم يستطع يوما مصارحتها بمشاعره نحوها ، كان يؤمن أنه حتماً سيأتي يوماً ليصارحها فيه ، و أن كل مافي الأمر أن لحظته لم تأت بعد ، و لأنه يدرك جيداً أنها لو رفضته فلن تعود الأمور بينهما لسابق عهدها ، و هو لا يريد أن يجازف بهذا ، علي الأقل في الوقت الحالي ، علي الأقل حتي تقتضي الأمور ذلك...
كانت جميلة لكنه لم يراها يوماً من تلك الزاوية ، فقد كان يراقب تفكيره نحوها دائماً خشية أن يفكر نحوها كبقية الرجال ، هو لا يريد أن يقع في حب مجرد تركيبة جينية رائعة ، بل يريدها كروح و مشاعر ، تعابير و أفكار...
كان يعشق نمطيتها لأنها تذكره بنفسه ، كان يشعر أنه بهذه الطريقة يفهمها جيدا ، و يتوقع القرارات التي ستتخذها و الأختيارات التي ستختارها في أكثر من موقف ، و قد كان هذا يكفيه ، و يشعره بالرضا الداخلي ، يشعره بأنه صار أقرب ما يكون إليها دون أن يجازف بشئ...
لكن الأمور تبدلت بعد ذلك ، و ربما قد لا يلاحظ أحد ذلك لكنه لاحظ ، لا أحد يكسر الروتين الخاص به مالم يكن الأمر أكبر من مجرد كسر للروتين ، لأن التفاصيل الكبيرة هي نتاج غير مباشر للتفاصيل الصغيرة ...
فجأة صارت تشرب القهوة بإفراط ، رغم أنها كانت تتحدث دائماً عن أضرار الإسراف في تناولها ، صارت تأتي للعمل متأخرة و علي وجهها علامات الإرهاق ، بدأت تهمل في التزاماتها داخل العمل ، و كثرت مشاجراتها مع المدير ، حتي جاء ذلك اليوم الذي عادت فيه من مكتب المدير باكية و بدأت تلملم متعلقاتها من علي المكتب...
-في إيه ؟
-المدير طردني.
-ليه بس ؟
-مش وقته مش وقته.
و أخذت حقيبتها و غادرت...
كان عقله في تلك اللحظة يعمل بسرعة ، أدرك للمرة الأولي أنه لا يعرف عنها أي وسيلة اتصال أخري ، لا رقم هاتف ولا عنوان منزل ، أشياء كهذه تتطلب منه شجاعة كبيرة ليطلبها ، و من الوارد جداً ألا يتمكن من رؤيتها ثانية بعد الآن...
هكذا لم ينتظر ، خرج من مكتبه مسرعاً ليلحق بها في المصعد ، لكن الأوان قد فات و بدأ مؤشر المصعد يهبط إلي الأسفل سريعاً...
طار فوق السلالم محاولاً اللحاق بها ، و حين وصل إلي الأسفل وجد المصعد فارغاً ، لكنها لحسن حظه كانت أمام البناية تحاول إيقاف تاكسي...
ناداها بصوت عال فالتفتت نحوه بعيون تحاول أن تبدو متماسكة ، و حين وصل إليها تأمل وجهها لثوان شاعراً بغرابة في الأمر ، لقد قضي شهوراً يضع خططاً و تصورات لتلك اللحظة ، لكن القدر كالعادة فاجأه بسيناريو مختلف تماماً ، هو لم يكن مستعداً لهذا الموقف و هي في أفضل حالاتها فماذا و هي في تلك الحالة المزرية ؟
إنه يشعر و كأن مقبض الدش قد انكسر منه فجأة في مرحلة مبكرة ، أو أن المقبض (فوّت) في غير وقته و انهمرت المياه الباردة فوق جسده...
هكذا قال لها لاهثاً من كثرة الركض...
-إسمعي ، متمشيش ، انا عايز اقول حاجة.
-حاجة ايه ؟
-لحظة بس آخد نَفَسي.
ظل لثوان يتأمل السيارات و المارة متظاهراً باستمرار مشكلته مع التنفس ، بينما كان في الواقع يحاول كسب بعض الوقت ليضع صيغة مناسبة للكلمات...
و برغم ذلك كان هذا مستحيلاً ، التفكير وسط كل هذا الضغط العصبي شئ مستحيل ، لذا سلم أمره لله و ترك لسانه يتحدث...
-أنا بحبك ، قولتي ايه ؟
لم تندهش ، و لم تغضب ، في الواقع ابتسمت في استهتار بدا متوقعاً وسط تلك الدموع ، إن مشاعرها الآن غير متزنة ، و ربما في ظروف أخري كانت ستختلف تعابير وجهها عن ذلك...
في البداية لم تقل شيئاً ، فقط أشارت لإحدي سيارات الأجرة التي توقفت أمامها ، و بدا له أنها لن تعلق علي كلماته أبداً ، لكنها حين فتحت الباب و قبل أن تركب توقفت قائلة...
-كل الوقت ده و جاي تتكلم دلوقت ؟ و في الموقف ده ؟ إنت بجد صعبان عليا.
ثم أغلقت الباب خلفها و ذهبت بعيداً...
بدت له في هذه اللحظة غريبة عنه ، بدأ يشعر أنه كان موهوماً ، و أنه لا يعلم عنها كل شئ حقاً كما يتصور ، لأن الناس لا تتغير هكذا بسهولة...
هو لم يكن حذراً ، ولا صبوراً ، هو كان خائفاً...
ربما اتخذ وقتاً طويلاً بعد ذلك كي يتناسي الأمر ، لكنه كان شاكراً لها ، لأنها علمته درساً هاماً للغاية ، علمته أن المجازفة لا تعني بالضرورة خسارة كل شئ ، و أن الخسارة نفسها ليست بالشئ السئ أحياناً ، لأنها توفر علينا من الوقت و المجهود ما يسمح لنا بالبحث في أماكن أخري قد نجد فيها ما نريد...
و الأهم من كل ذلك أنها علمته كيف يفتح مياه الدش دفعة واحدة بلا تردد ، أو يتخلص من عقدة الجاكوزي و يشتري واحداً...

الجمعة، ١٦ سبتمبر ٢٠١١

زهايمر الأحلام...




بجد الموضوع زاد عن حده...

يعني ايه كل ليلة اشوف احلام و انساها بمجرد ما اصحا ، ينفع كده ؟
المشكلة انها بتكون أحلام طويلة ، أحلام ليها قصة ، أنا بحس بكده ، و بعصر دماغي عشان افتكرها ، و اتغاظ لما اراجع كل اللي درسته عن آلية الأحلام لفرويد و اكتشف ان كل كلامه صح ، عداه العيب و قزح ، بس نسي يقول إن الأحلام قابلة للنسيان ، مكانش العشم يا خواجة...


ساعات بتضرب معايا و افضل ورا الحلم لحد ما افتكر تلميح بسيط ، امسك طرف الخيط ، و بعدها افتكر كل حاجة ، صحيح بتبقا احلام ملهاش تفسير واضح بس اهي في الآخر أحلام ، شوية ساسبنس في حياة الواحد...


انا عارف ان اي تفسير لأي حلم مش هايكون له أهمية بالنسبالي ، لإن غالباً مفيش حاجة مهمة أوي بتحصلي عشان اهتم بتفسير حلم عنها ، بس مش معني كده ان الأحلام تسوء فيها و تنفضلي بالشكل ده...


لو مش هافتكرها يبقا بلاش منها أحسن ، ولا إيه ؟!!

الثلاثاء، ١٣ سبتمبر ٢٠١١

Life updates...



ناس كتير اعرفها لسة مش مدركة اني يدوب بدأت استكشف جمال الحياة من حوالي سنة أو أقل ، ولو أدركوا مظنش هايفهموني كويس بردو...

الأفلام الأجنبي القديمة ، و المسرحيات القديمة و الأبيض و اسود ، رغم اني شوفتها ألف مرة زمان ، بس مؤخراً بدأت احسها ، و اضحك عليها من قلبي كإني بشوفها لأول مرة ، و بحس انهم كانوا ناس فعلاً مبدعين و سابقين عصرهم ، و ان كل الكوميديين بتوع دلوقت سخفا لإن ببساطة بتوع زمان خلصوا الكوميديا كلها ، و جابوا المفيد اللي مفيش بعده حاجة جديدة تتقال...

و ضريبة السعادة البسيطة دي بدفعها من تريقة اخواتي عليا كل ما يشوفوني بتفرج بشغف و فرحة علي حاجة من الحاجات (الحمضانة) دي ، و دايماً علي لسانهم جملة (انت جيت متأخر اوي علي فكرة ، شوفلك كهف اقعد فيه)...

كمان الأغاني القديمة خصوصاً بتاعة عمرو دياب ، و أغاني فيروز اللي لسة لحد دلوقت مبهور بيها و بكتشف فيها كل يوم أغنية جديدة ، و كل حاجة...

أنا جايز فعلاً معشتش الفترة دي ، و جايز المفروض اعيش في العصر الحالي ، بس انا بعرف اميز بروحي كل حاجة جميلة عن كل حاجة سخيفة ، أو علي الأصح بدأت أميز من حوالي سنة أو أقل ، و أدركت اني فعلاً كنت عايش جوا كهف ، أو مغيب عن كل حاجة جميلة في الدنيا...

بدأت احب الموسيقي و افهم ليه الناس بتحبها ، و اسمع مقطوعات من زمن الزمن و تعجبني جداً ، و أقول كانت تايهة عني فين دي ، و ساعتها افهم ليه بيتهوفن و موتسارت اتشهروا...

بدأت احب القراية ، في الأول كنت بحبها لكن مكنتش بتمعن في المعاني و تفضل معلمة في دماغي و مأثرة فيا زي دلوقت...

بدأت احب الشجر و المطر و النسيم و الطبيعة كلها بشكل عام ، و في المقابل بدأت اكره الحر و الرطوبة و اكره صوت الدق اللي جاي من عند النجار اللي تحت شباك اوضتي ، مع اني مكنتش بتدايق في الأول و كنت بعرف اركز و انام عادي وسط الدوشة ، و كنت استغرب لما ابويا يقولي مش عارف انام من الراجل ابن التيييييييييت ده ، واضح اني بدأت ادقق زيه ، و زي كل الناس ، يعني باختصار في مقابل إحساسي بالحاجات الجميلة بدأت احس بالحاجات المزعجة و السخيفة ، بدأت أميز كل شئ عن بعضه...

بدأت استكشف مشاعر جديدة فيا ، بدأت احس بكل جوانب العاطفة البشرية ، صحيح ممرتش بتجربة عاطفية أبداً ولا همر ، بس ع الأقل بقيت اما بشوف اتنين بيحبوا بعض احس بأسبابهم ، قبل كده كنت عامل زي اللي بيسأل نفسه عن السبب اللي بيخلي المدمنين يدمنوا المخدرات ، او ليه المدخنين بيشربوا سجاير و مقتنعين بيها ، و كنت متأكد اني أكيد لو اديت نفسي فرصة التجربة ، هفهم ، بس كان فيا شئ بيمنعني ، و يحاول يأجل إحساسي بكل حاجة جميلة لوقت تاني...

الموضوع زي ما اكون سمحت لنفسي اخيراً باستقبال Updates من الحياة و من كل حاجة حواليا ، لإني فعلاً كنت مغلق تماماً ، و مقتنع بنفسي زي مانا ، مقتنع بالـ(ولا حاجة)...

و في الآخر ، تيجي انت تقولي نهاية العالم قربت ؟!! دانا ملحقتش اتهني يا جدع...

الاثنين، ١٢ سبتمبر ٢٠١١

آخر أيام الشتاء...




ينظر من خلف الزجاج إلي الشارع الممطر ، و البحر الممتد علي مرمي البصر ، و صوت فيروز ينبعث من السماعات بغرفته لكنه غير مصغ علي الإطلاق...

لا إنت حبيبي و لا ربينا سوا...

قصتنا الغريبي شلعها الهوا...

و صرت عنك غرييييبي...

و الحقيقة أنه لم يكن يتأمل الشارع ولا البحر ، بل كان يتأمل الأمطار ذاتها ، يتأملها بتمعن كما لم يتأملها من قبل ، و كأنه يشعر بكل قطرة تهبط من السماء...

لم يكن منتبهاً لأي شئ آخر غير الامطار ، حتي أنه لم ينتبه لتلك التي خرجت من أسفل بنايته لتوها ، لم ينتبه لها علي الإطلاق رغم أنها منذ دقائق مضت كانت حياته كلها تتعلق بها...

انساني يا حبيبي...

لم ينتبه لها ربما لأنها كانت تحتمي بمظلة ، و هي التي كانت لا تحب المظلات لأنها كما تقول تحرمها من متعة الإغتسال بمياه الطبيعة ، و الشعور بالتجدد و الحياة...

تذكر حين قالت له ذات مرة أنه أنقي الأمطار التي قابلتها في حياتها و أكثرها غزارة ، أمطار اسكندرية ، فهي أحبت أمطار القاهرة لثلاث سنوات كاملة ، ثلاث سنوات عاصفة مليئة بالبرق و الرعود ، ثلاث سنوات اتضح بعدها أن القاهرة كانت تخدعها ، لأنها في السنة الثالثة لم تمطر لها ، و ذهبت لتمطر علي جسد امرأة أخري غيرها...

امبارح تلاقينا قعدنا ع حجر...

برد و حوالينا عريان الشجر...

خزقنا الصور و محينا القمر...

ردتلو مكاتيبو ، و ردلي مكاتيبي...

لم ينتبه لها لأنه ربما لم يحزن لرحيلها بقدر ما أحزنه ما قالته له قبل رحيلها ، حين أخبرته أنها اكتشفت أن الأمطار كلها واحدة في كل الأماكن ، القاهرة كالاسكندرية كالسويس ، و هو الذي كان ينزعج حينما تذكر له ماضيها معهم ، و يتسائل متعجباً : أي وغد صبور هذا الذي يستغرق ثلاث سنوات بأكملها لخداع امرأة ما ، الآن صار مندرجاً ضمن قائمتها السوداء معهم ، صار واحداً منهم...

لكن الحقيقة أنه لم يخدعها يوماً واحداً في حياته ، بل ولا حتي ثانية واحدة ، لقد أحبها حقاً ، هو ليس مثلهم ، جل ما حدث أن الظروف غيرته قليلاً ، أجبرته علي أن يكون عاصفاً علي غير عادته ، و الأمور السيئة تحدث أحياناً...


كِل من طوي شراعو و راح بها المدى...

ولدين و ضاعوا ع جسر الصدى...

تفرقنا بهدا و  الدنيي هدا...

بخاطري صليلي ، تسعد يا حبيبي...


الحقيقة أنها كانت مخطئة بشأنه ، بل و بشأن كل من عرفتهم قبله ، الرجال لا يستغرقون أعواماً لخداع امرأة ما ، الرجال يحبون ، يحبون بإخلاص ، و يحاولون قدر الإمكان الحفاظ علي طبائعهم التي جلبت لهم ذلك الحب ، و لكن ما يحدث أنهم يضعفون أحياناً أمام الظروف ، ينهارون ، و يدمرون في طريقهم كل شئ جيد في حياتهم عن غير قصد...

لقد كانت مخطئة حقاً ، ربما كانت الأمطار واحدة في كل الأماكن ، لكنها ليست واحدة في كل المواسم...

لا إنت حبيبي...



الثلاثاء، ٦ سبتمبر ٢٠١١

خلف الأعمدة...



كان الأمر يبدو طبيعياً في البداية ، كان يبدو تلقائياً للغاية...
لكن الأمر اتخذ منحني آخر حينما كررته كثيراً ، و بدأت نظرات الناس في المسجد تتسائل : لماذا أصلي دائماً خلف هذا العمود ؟ و لماذا تبدو علي وجهي علامات الإنزعاج حينما أجد من يشغل السجادة المقابلة لهذا العمود ؟
الحقيقة هي أنني لا أتمكن في التركيز بأي عمل مهما كان بسيطاً بينما هناك من يراقبني ، و هذا العمود تحديداً كان يحجبني عن أنظار هذا الرجل العجوز الجالس أسفل المنبر دائماً و أبداً ، الغريب أن هذا الكهل هو المسئول عن فتح باب المسجد عند كل صلاة ، رغم أنه معدوم الحيلة و ضعيف النظر بل و أقرب للعمي ، إلا أن نظراته العمياء نحوي تزعجني ، و تمنعني عن التركيز في صلاتي ، لا أدرك حتي الآن سبباً واضحاً لنظراته الدائمة نحوي ، ربما هو لا ينظر نحوي من الأساس ربما ينظر في الفراغ...
لكن هذا الرجل ليس أكبر مشكلاتي مقارنة ببعض هؤلاء الذين يجلسون فعلاً مختلسين النظر إليك ، سواء كنت تصلي أم لا...
أعلم أن الفراغ الأثيري ملكية عامة ، و من حق الجميع أن ينظر كيفما يشاء و متي يشاء و أين يشاء ، و أنه لو كان هناك من لديه مشاكل مع الخصوصية فهو أنا ، أنا موسوس و أبالغ ، خاصة في تلك الأمور الروحية التي لا أجد لأحداً الحق في الإطلاع عليها...
ربما كانت هذه من المرات النادرة التي لن أسأل فيها عما إذا كنت أنا الوحيد الذي يعاني من شئ كهذا ، إذ أنني أعرف الإجابة سلفاً...

الأحد، ٤ سبتمبر ٢٠١١

بين النوم و اليقظة...




للوحدة متطلباتها…
خاصة مع شخص موسوس مثلي ، خياله أخصب ما يكون لزراعة أكثر الأفكار رعباً و بشاعة…
ربما يمر اليوم و ينتهي في هدوء ، لكن حين تأتي لحظة الذهاب للنوم ، تأبي عيناك الاسترخاء في ذلك الصمت القاتل الذي يملأ المنزل و يطبق علي روحك و أنفاسك ، حينها تقرر أنك بحاجة لمذياع معك في الغرفة ، علي إذاعة القرآن الكريم ، لا يوجد أفضل و أأمن من هذا…
لكنك تدرك بعد ذلك أن المذياع ليس كافياً ، و أنه رغم ذلك لا يملأ ذلك الفراغ الموجود بوعيك اللعين ، أنت بحاجة لصوت و صورة علي الأقل ، أنت بحاجة لتلفاز…
لكنك تدرك بعد ذلك أنه ليست كل البرامج يمكن تشغيلها وقت النوم ، هناك ما سوف يلفت أنظارك ، و إن لم يلفت أنظارك فسيلفت مسامعك ، هكذا تقرر أن تقوم بتشغيل مالا ترغب في مشاهدته أو حتي سماعه ، فكل ما يهمك هو الإحساس بالونس…
إذن ، مباراة كرة قدم ؟ نعم ، أنت لا تحب كرة القدم ، لكنها برغم ذلك صاخبة للغاية ولا تصلح كموضوع للاسترخاء…
قناة إسلامية ؟ هذا مطمئن للغاية لكنه برغم ذلك سيلفت مسامعك التي ستوقظ مشاعر الذنب لديك في غير وقتها ، متي كانت آخر مرة صليت فيها علي كل حال ؟!!
قناة الطبخ ؟ نعم ، هي قناة فتافيت ، القناة الوحيدة التي تمنحك شعوراً بالأمان و الاستقرار و الطمأنينة ، تشعرك بأن الدنيا مازلت بخير ، و العصافير تغرد في الحديقة ، و بأنه مازال هناك الكثير من الوقت قبل أن تشتعل الحروب و ينتهي العالم…
هكذا تضبط التلفاز علي تلك القناة الدافئة و تدثر نفسك بالغطاء ناظراً نحو الشاشة في غير فهم لما تقوله تلك الإيطالية أو الإسبانية أو المكسيكية أو أياً كانت جنسيتها...
عيناك تبدآن في الاسترخاء لكنك لن تستسلم الآن...
تقوم المرأة بتقطيع نبات ما من تلك النباتات التي لا و لن تجدها أبداً في السوق ، و تضع بعض التوابل التي لو قلت اسم أحدها لأي عطار لضرب كفاً بكف و التفت لزبون غيرك في صمت...
تجلب المرأة إحدي العيون البشرية و تقوم بشطرها نصفين ، ثم تعصر إحداها داخل الطبق ، لا أذكر حقاً أن العيون البشرية كانت بهذه الضخامة يوماً ، إن الواحدة منها في حجم البرتقالة ولو أنني رأيتها في السوق للعنت في سري تلك الكيماويات التي يضعونها علي الخضروات فتصير أضخم مما هي عليه...
الآن تجلب ذراع طفل رضيع و تقوم بتقطيعها إلي شرائح ثم تلقيها داخل الطبق ، ثم تبدأ في تقطيع أصابعها هي شخصياً لأنه من الواضح أن ذراع الرضيع لم يكن كاف...
تخلط كل شئ معاً و تضعه في الفرن ، ثم تعود بعد الفاصل في لمح البصر لتخبرك بكل بساطة أن الطعام قد نضج و انتهي ، و بالهناء و الشفاء...
منزعج ؟ بالطبع لا ، ربما حين استيقظ ابدأ في الإنزعاج ، و حينها أقرر هل أستمر في مشاهدة فتافيت أم أبحث عن قناة أخري...
Share |