السبت، ٣٠ أبريل ٢٠١١

فلنصمت قليلاً...


الصمت كالعادة ، ولا شئ غيره...
من هي ؟ ليتني أعلم حقا لكنني مستمتع بصمتها هذا ربما أكثر من استمتاعها هي...
من هي ؟ هي إحدي المرضي الذين أعالجهم لو كان للصمت أن يكون علاجا...
مازلت أذكر جلستها الأولي منذ عامين ، حين دخلت مكتبي متجهة نحو الشيزلونج مباشرة و كأنها تعرف طريقها مسبقا...
و استرخت عليه...
و ظلت صامتة تنظر نحو السقف في شرود بينما تعبث في أصابعها ، ثم أخذت معطفها بعد ساعة و رحلت في هدوء دون حتي أن تنظر نحوي ولو لثانية...
لا أعلم لماذا لم أحدثها ، لماذا لم أقاطع صمتها منذ عامين و حتي الآن ، شئ بداخلي كان دائما يخبرني أن الأمر لابد و أن يظل هكذا ، و أن هذا هو الشئ الصحيح ، بل هو أصح من أصح جلسة علاج قمت بها في حياتي...
الغريب أنني صرت أنا نفسي أنتظر موعد جلستها بشوق بالغ ، و أشعر براحة بالغة في تأملي الصامت لها...

منذ أسبوعين تقريبا كنت في ألمانيا لحضور مؤتمر طبي هام ، و في رحلة ذهابي لمحتها بالطائرة ، لم تكن واحدة من الركاب ، بل كانت إحدي المضيفات بالطائرة ، كانت هذه المرة الأولي التي أراها فيها تبتسم و تتحدث كبقية البشر ، لا أعلم لماذا أزعجني هذا ، لم أكن منزعجاً من سعادتها بالطبع و لكنه ذلك الشعور بأن صورتها الثابتة في ذهني قد تم شرخها فجأة...
جائت لتضع الإفطار أمامي فأدركت أن ابتسامتها إنما هي إبتسامة مهنية مصطنعة ، و حين رأتني ارتبكت لثانية ثم عادت لابتسامتها سريعا لتسألني عن أي المشروبات أريده...
طوال الرحلة ظل أمرها يشغل بالي ، لم استطع التفكير بأي شئ آخر ، من ثم أدركت أنني لن أستطيع إخماد نار فضولي أكثر من هذا و قمت متوجها نحو المقصورة في نهاية الطائرة لأجدها بالداخل مع بقية المضيفات ، رأتني فقالت في ثقة...
-أي خدمة أستطيع تقديمها لك سيدي ؟
فغرت فاهي لثوان أمام العيون المحدقة ثم قلت في جدية...
-نعم ، لحظة من فضلك.
هنا جائت معي و قد أدركت نيتي في خرق ميثاق الصمت بيننا...
اخترت ركنا خلف مقعد راكب ياباني أدركت أنه لن يفهم حتما ما سيقال ثم نظرت لها قائلا في حزم...
-لماذا ؟
توقعت منها بعض المراوغة ، توقعت أن تنكر معرفتها بي من الأساس ، لكنها لم تفعل ، فقط ظلت صامتة لثوان تتظاهر بتأمل الركاب و قالت دون أن تنظر لي...
-هل تظن أنني بحاجة للشكوي حقا ؟ إن لدي من الأصدقاء الكثير و بوسعي مشاركة أسراري مع أقربهم لي.
-إذن لماذا الصمت ؟
-لأنني أريد هذا ، أريد أن أجلس في صمت برفقة من يقتنع بفكرة الصمت ذاتها ، هل تنكر أنك شعرت براحة لجلوسنا سوية صامتين ؟ أنا أفعل هذا لأنني أريد ساعة من الصمت مع أحدهم.
هنا أدركت ما تعنيه ، إن مشاركة الصمت وحدها لا تعني مجرد مشاركة للصمت ، بل تحمل بداخلها مشاركة لأشياء كثيرة لا يمكن وصفها ، و لكن يمكن الإحساس بها...
لقد كانت مريضتي محقة ، و كنت أنا الطبيب مخطئاً...
هكذا هززت رأسي مبتسما و عدت لمقعدي في هدوء...
كنت أعلم أنها ستواصل جلساتها الصامتة برغم ما حدث بيننا ، لم يتغير شئ سوي أنني الآن صرت أملك تفسيرا لصمتها...

الاثنين، ١٨ أبريل ٢٠١١

بيت الشمس...


زمان كان في بيت ف آخر شارعنا...
تطلع الشمس فوقه كل صباح...
و كل ما اشوفها تشرق أشاور...
ع البيت بصباع صغير من عقلتين...
بيت الشمس أهو ، الشمس طلعت من بيتها...
و أحس بدفاها يملا الشارع بطوله...
كأنها طالعة لشارعنا بس ، و بره الشارع ده كله ضلمة...
Share |